Wednesday, February 12, 2014

هابي فالنتين!

يقترب موعد عيد الحب منا. وفي مثل هذا الوقت من العام، تتزين الشوارع والمحال باللون الأحمر. يفكر كلّ حبيبين أين سيقضيان هذا العيد معًا؟ كما يفكر كلٌّ منهما في هدية يهديها للآخر... ويعود أصل هذا العيد إلى القديس فالنتين في القرون الوسطى، هذا القديس الذي كان يزوج الأحباء في الخفية خوفًا من بطش الامبراطور الذي منع الزواج.
توقفت اليوم أمام إحدى الهدايا المنتشرة في أحد المحال، وفجأة لم أعد أفكر في المكان ولا الزمان ولا عيد الحب ولا الهدايا. قادني تفكيري إلى الحب. هذه الرغبة العميقة في داخل كلٍّ منا أن نحِب ونحَب. هذه الرغبة المزروعة من الله، هذا الإله الذي يشبع أعمق رغبات الإنسان، هذا الإله الذي يحب، هذا الإله الذي هو محبة في ذاته وجوهره، لأنّ الحب يخلق... وعندما يخلق الحب يخلق جمال...
إنّ هذه الرغبة العميقة في داخلنا، وإن دلت على شيء، فهي تدل على عمق تأصلنا في الحب ومدى ابتعادنا عنه اليوم. فيصبح يوم عيد الحب، يوم تعويض عن رغبة الحب الدائم كلَّ الأيام، والتي ابتعدنا عنها بسبب انفصالنا عن مصدر الحب ذاته. وإنّ كان هذا الانفصال هو آفة البشر وسبب عذابها، فإنّ حب الحبيبين هو عودة وصورة مصغرة لحب لا يجف نبعه. فيكون الامبراطور الذي يبعد الحبيبين كمن يعبث بنظامٍ كاملٍ وضع كنبذة وصورة لحب واتحاد كامل مع نبع حب لا ينضب.
لذلك فإن الحبيبين الحقيقيين هما من يدفع أحدهما الآخر إلى الوصول للإشباع الكامل لهذه الرغبة. هما من يكملان بعضهما ليكونان معًا صورة ومثال المحبة الكامل. هما من يكونا معًا حق وخير وجمال. ليسا فقط من يتبادلان الورود والقبلات والهدايا... ليسا فقط من يضعان قفلاً في أحد جسور باريس ويلقيان المفتاح في نهر السين العظيم ليعلنا حبهما الأبديّ... إنّما هما من يركعان معًا للصلاة... من يلعبان ويضحكان ويبكيان سويًا... من يكملان أحدهما الآخر... من يصبحان ذاتهما معًا... من تزيد وسامته مع كلمة "أحبكَ" هو الحبيب، ومن تنفك ضفائرها في طريق الحب هي الحبيبة... لا يكفيهما يومًا واحدًا، ولا شهرًا، ولا هدايا، ولا ورود... بل يصنعان عوالماً لم يطأها أحدٌ وتقويمًا لم يعتمده غيرهما... لأنّهما معًا وحدةٌ تامةُ خلقها الخالق على صورته كمثاله... خلقها الخالق "حسن جدًا".
فيا من خلقتِ بالحبِ لأجل حبي... كلُ عامٍ وأنتِ حبيبتي.