Wednesday, January 08, 2014

عصر جديد - تعليق شخصيّ على الأقوال المنسوبة للبابا فرنسيس

نحن في عصر "تحطيم أصنام" جديد... وقد دخلنا هذا العصر عندما بدأ الشباب يجاهرون بأفكارهم ومعتقداتهم، بدأت بشكهم في تعاليم تعلموها قديمًا... وخطر هذا العصر هو عدم التفكير مليًا في كلِّ ما يعرض علينا من أفكار وفلسفات جديدة، قد تبدو شهيّة ومقنعة جدًا... في حين إنّها لا تختلف عن غواية الحيّة قديمة، نصفها فقط حقيقيّ والنصف الآخر كذب! ومن المعروف في قواعد التفكير المنطقيّ، إنّ أي إثبات يناقض ذاته، أو يحتوي على خطأ هو إثباتٌ خاطئ غير صحيح.
هذا العام شهد انتخاب بابا جديد كخليفة لبطرس على كرسي روما. ومنذ اللحظة الأولى التي ظهر فيها البابا الجديد، عرف الجميع اختلافه. فاختلافه بدأ باختياره اسم "فرنسيس" ليكون أول بابا يحمل هذا الاسم، وبظهوره منحنيًا أمام شعبه، ووضح في ملابسه وسيارته وعاداته، وتجلى في تصريحاته المحبة والمتسامحة على غرار سيده ومعلمه يسوع المسيح.
إلا أنّ كثيرين أساؤوا فهمه في كثير من الأحيان، مما سبب بعض الرفض له من بعض المؤمنين، والكثير من التشويه من غير المؤمنين. البابا ليس سوى مسيحيّ يحاول الاحتذاء بالمعلم الأوّل يسوع المسيح. فمثلاً نجد في أعماله محبة وشفقة ورحمة للفقراء والمرضى والضعفاء، ونجد تسامح مع الخاطئين والشواذ وغيرهم. إلا أنّ هذا التسامح، الذي أسيء فهمه، ليس إلا تقليد للرب الذي يحب ويسامح الخاطئ ويبغض الخطيئة ولا يتساهل معها.
أمّا بخصوص الأقوال المنسوبة إليه مؤخرًا، فأريد توضيح أكثر من نقطة.
أولاً، المقال نُشر في مدونة تعلن صراحةً أنّها للمتعة الشخصيّة وليست حقيقيّة مئة بالمئة.
ثانيًا يدعي صاحب المقال إنّه تم عقد مجمع فاتيكانيّ ثالث، وهذا لم يحدث. ولم يعرب الفاتيكان عن النية للدعوة لمصل هذا المجمع. وإنّ حدث هذا المجمع، فإنّ قراراته لا يعلنها البابا، وإنما يعمل المشاركون فيه على وثائق ودساتير لمدة سنوات.
ثالثًا، سأتكلم عن بعض ما نسب إلى البابا في هذا المقال.
مثل أوّل، رمزيّة قصة آدم وحواء.
 هناك قاعدة في دراسة الكتاب المقدس وهي: "كلّ شيء صحيح، ولكن ليس كلّ شيء حقيقيّ". والمغزى من هذه القاعدة هو الحقائق الروحيّة وليس واقعيّة الحدث. ومن الممكن العودة إلى التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة لمعرفة رأي الكنيسة الكاثوليكيّة في هذا الموضوع.
أمّا ما ضايقني في هذه النقطة، هو وقوف إيمان بعضهم على واقعيّة القصة أو عدمها. إنّ إيماننا المسيحيّ هو إيمانٌ بشخصٍ حيٍّ هو يسوع المسيح المخلص ابن الله المتجسد المصلوب القائم من أجلنا لمغفرة خطايانا ودعوتنا لنكون أبناء الله بالتبني.
مثل ثانٍ، عدم وجود جهنم.
 إنّ أحدًا لم يعد من هناك ويقول لنا. هذا ما كتبه صاحب المزامير. نعم لا يمكننا الجزم بوجود أو عدم وجود جهنم ماديّة للعذاب. إلا أن جهنم تعني الانفصال عن الله، وعدم الدخول إلى العرس أي الحياة الأبديّة. ولكن جهنم هي دليل على محبة الله وليس العكس. فالله الذي خلقنا بدون إرادتنا لا يستطيع أن يخلصنا بدون إرادتنا. فالله يحترم حرية الإنسان، وذلك بسبب محبته. فإذا كنت أنا رفضت الله، ورفضت الحياة معه، أي رفضت الحياة الأبديّة، لا يمكن لله أن يجبرني على قبوله ومحبته.
وأمّا تعليقي على هذه النقطة فهو هل نعبد ونحب الله خوفًا من جهنم والعذاب؟ هل نفعل الخير طمعًا في الجنة؟ فلنتحد إذًا بمن قالت: ربي إذا كنت أعبدك طمعًا في الجنة فاحرمنيها، وإذا كنت أعبدك خوفًا من نار جهنم فاحرقني فيها، أمّا إذا كنت أعبدك حبًا فيك فلا تحرمني من رؤية وجهك.
مثل ثالث، جميع الأديان صحيحة لأنّ الحقيقة نسبيّة ولا وجود لحقيقة مطلقة.
إنّ الكنيسة الكاثوليكيّة لا تنفي إمكانيّة الخلاص لجميع البشر. ولكن بالنظر لما قيل في هذه النقطة، نجد إثبات يتضاد مع ذاته. فلسفيًّا وعقليًّا. إذا كانت الحقيقة هي نسبيّة، فهذا يعني عدم وجود حقيقة مطلقة. وإذا لم تكن هناك حقيقة مطلقة، فلا وجود للحقيقة كمبدأ أصلاً. وهذا يتنافى مع سعي الإنسان الدائم إلى الحقيقة المطلقة كسعي، كذلك يعني عدم وجود الله لأنّ الحقيقة المطلقة هي الله.
وتعليقيّ الشخصيّ ليس لومًا، فأنا ممن يريدون خلاص الجميع، ولكن يجب علينا أن نفكر في كل مقولة وإثبات لفهمها بطريقة صحيحة.
مثل رابع وأخير، الكتاب المقدس أصبح قديمًا والله يتطور عبر الزمن.
إنّ الكتاب المقدس ليس كتاب جغرافيا تتغير أو تاريخ يتطور أو علم ينقض. إنّ الكتاب المقدس هو كتاب حياة وكتاب روحيّ. أمّا تطور الله، فهذه المقولة تناقض ذاتها أصلاً. فالله هو الكائن، الكائن الكامل المطلق، طبقًا لما يراه الملحدون والمؤمنون سواء. الكمال يعني الثبات، لأنّ الحركة والتطور والتغيير تعني أنّ هذا الكائن ليس كامل في هذه النقطة لذلك هو ينطلق لنقطة أو مرحلة أخرى. لذلك فإنّ هذه المقولة تناقض ذاتها. أمّا من يجيب هذه النقطة الفلسفيّة بمثال تغير الله في الكتاب المقدس أو تغير دعوتنا في الحياة، فنجيبه بأنّ هذه التغيرات هي تطور فهمنا لله بسبب محدوديّتنا وعدم استيعابنا لكماله.
أكتفي هنا بالتعليق على هذا المقال، وأنتقل إلى تأثير الفلسفات والأفكار التي نتعرض لها على إيماننا وفهمنا. نحن لسنا فقهاء في كلِّ تعاليم ديننا، ولا نستطيع أن نجيب على كلِّ أسئلتنا لذواتنا. فلماذا لا نسأل ونتعلم وندرس. نعم، نحن في عصر جديد، ولكن علينا ألا نثق في كذب الحيّة القديمة، من أفكار جديدة تزعزع إيماننا أو تذهب بنا إلى تأليه ذواتنا، أو تدعونا إلى الذهاب إلى فلسفة أو دين أو بدعة أو لا دين أو إلحاد، وهي نصفها فقط حقيقيّ دون البحث والتساؤل والتنقيب والتمحيص والقراءة.


يا أيها القلم!

مر وقت طويل منذ أمسكتك وشرعت في الكتابة...
لا أعلم لم حدث هذا الجفاء... ولكني أدرك إنني لم أسعد بذلك...
لماذا عجزت، يا قلمي، عن خط ما يجول في داخلي؟
ألعلني لم أعد أفكر؟ أو لعلك نسيت الخط؟
أأكون لم أجد ما يلهمني؟ أم تكون خاصمت الورق؟
لماذا أمسكك اﻵن، وأنا لا يدور في نفسي سوى أني هجرتك؟ أم تكون أنت نسيتني؟
وسؤالي لك: هل سبق وأسأت استخدامك منذ صداقتنا؟ أو لعلها لم تكن صداقة بل لحظات صدفة؟
لماذا أمسكتك أول مرة؟ ولماذا لم تخبرني بثقل مهمة امساكك؟
العلاقة معك غريبة عجيبة... فكيف لي أن أكتب ما أريد وأن أتركك حراً طليقاً؟
حكاياتنا بدأت منذ الصغر... ونضجت مع الزمن...
طالعت أوراقي فوجدت ذكريات حفرناها معاً... نشرنا بعضها، وبعضها لم ينشر، وآخريات لم نكملها بعد...
فوجدتني ظلمت نفسي وظلمتك بتركك وحيداً، بينما تجول اﻷفكار في دواخلي...
فها انا أخط معك صك المصالحة والوعد...
وعد أن انشر ما كتبناه وتركته في ملفاتي ساكناً... وعد ألا أترك فكرة أو حدث دون العودة إليك ومناقشتك فيها...
وعد أنك سلاحي في حرب طاحنة تدور في أعماقي...
فإنك لم تخذلني... ولا تخذل كل من طلبك قبلي ومن سيطلبك بعدي...
فهيا بنا نخط أفكاراً قد تغدو فلسفة نغير بها التاريخ والعالم!