Thursday, May 15, 2014

دبي... أتكونين بابل جديدة؟

زرت مدينة دبي ٦ مرات في رحلات عمل مختلفة. وفي كلِّ مرة كنت أرى بلدًا مختلفًا. كان تعليقي دائمًا إنني أرى وهمًا أو خيالاً أو شيئًا صناعيًّا لا أرى فيه أصالة...
ومع تقدمي في الحياة، رأيت فيها برج بابل وسعي إنسان إلى اختراق السماء، إلى الوصول إلى الكمال بدون الكامل، إلى إنسان نيتشه المتفوق، إلى الأول والأعلى والأقوى...إلخ.
إلا أنني هذه المرة تسائلت أتكون دبي بابل جديدة كما رأيتها قبلاً أم سعي إنسانيّ حقيقيّ؟
إلا أن هذا السؤال جعلني أطرح عدة أسئلة إنسانيّة...
ألم يسخر الله الكون الذي خلقه إلى الإنسان قمة خليقته؟
ألم يخلق الله الإنسان بالمحبة ووضع في داخله رغبة الحب أي رغبة الخلق؟
ألا نعيد لله ثمرة تعبنا وعملنا ليحوّله ويؤلهه؟
ألم يخلق الله الإنسان على صورته ومثاله حرًا محبًا خالقًا؟
أعود إلى زيارتي الأخيرة، وقد رأيت ما لم أره قبلاً...
أرى فيها رؤية مختلفة وسعي إلى التطور، أرى تكافل بين بشر مختلفين في الجنس والعرق والجنسية والدين واللون، أرى احترام آخر يختلف تمام الاختلاف عني ويقترب مني في جوهر هو الإنسانيّة، أرى محاولة لوضع قوانين وضعيّة إلا إنها لا تتعارض مع ضمير الإنسان الطبيعيّ، أرى لغة واحدة مختلفة اللهجات، أرى وحدة في هدف... هدف هو الحياة... حياة كريمة إنسانيّة عادلة حرة...
أفليست الحياة الأبديّة سوى كمال المحبة والحرية والفرح الذين لا يكتملون بدون الآخر المختلف المتماثل معي في إنسانيّة هي صورة الله ومثاله؟
وإذا كان هناك خالق، فلا يمكن ألا يكون قوة حب محققة...
وإذا كان الخالق حبًّا، فلا يمكن أن يكون اجبارًا...
وإذا لم يكن اجبارًا، فلا يمكن ألا يخلق آخرًا خلاقًا...
وإذا كان الإنسان خلاقًا، فلا يمكن ألا يسعى إلى المرتبة الأولى والكمال...
والسؤال هو في هذا السعي ذاته، هل أسعى إلى الكمال وحدي فيكون كمالي استبدالاً لكامل لا يمكن استبداله؟ أم أسعى لكمالي بالمحبة الكاملة فيكون كمالي بالآخر وللآخر ووحدة مع المطلق؟
أيكون التطور نيتشويًّا يقر موت الله وظهور الإنسان المتفوق أم إلهيّ يدخل الله في كلِّ خطوة ويحوّل طبيعة الإنسان إلى مثال الله بالله ومع الله؟
أتكون دبي بابل جديدة تخترق السماء لتجلس مكان الله أم عنصرة جديدة توحد إنسانًا مشتتًا متفرقًا؟

سامر حنّا
القاهرة في ١٥/٥/٢٠١٤