Monday, June 24, 2013

لماذا تقسّمون الله؟

لماذا تقسّمون الله؟
فخلق الله الإنسان... في كلِّ كتب الديانات، نجد هذه الجملة...
خلق الإله الإنسان... خلقه وكان هذا آخر ما خلق...
خلق "ال" إنسان... خلق الإنسان واحدًا...
أمّا الإنسان فردّ الجميل لله... فلم يَبقَ واحدًا ولم يُبقِ الله واحدًا...
نعم، خلق الله الإنسان واحدًا، ذكرًا وأنثى خلقه... خلقه متحدًا، لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمرأته فيصيران جسدًا واحدًا...
إلى أن أدرك الإنسان أنّه عريانٌ...
نعم، خلق الله الإنسان واحدًا، لم يميّز الأخ عن أخيه...
إلى أن غار الأخ من كيفيّة حوار الله مع أخيه، ونسى أن له حوار آخر لا يفهمه أخوه...
نعم، خلق الله الإنسان واحدًا، لم يفرِّق بين الناس ولغاتهم...
إلى أن حاول الإنسان بناء البرج وشق السماء، فبلبل العليُ الألسن...
نعم، خلق الله الإنسان واحدًا...
إلى أن قسّم الإنسان ذاته إلى شعوب، وأديان...
ومن ثَمَ قسّم الله...
لماذا تقسّمون الله؟
لماذا تحكمون بدل الله؟
لماذا تقتلون لأجل الله؟
لماذا تحاربون في سبيل الله؟
هل هذا ما أمر الله به؟ التفرقة بين أبنائه؟
أين ولماذا؟
فإذا كان هذا هو إلهكم...
إذا كان إلهكم يفرِّق بين إنسان وإنسان على حسب مذهبه لا محبته...
إذا كان إلهكم يدعو للقتل لا للخلق...
إذا كان إلهكم يحتاج من يحارب عنه لا من يبشر برحمته...
فعذرًا لا أؤمن بهذا الإله...
فإلهي إله محبة...
إلهي اختار الإنسان وكل إنسان وكل الإنسان...
إلهي إله خالق، قال "كن" فكان...
إلهي يبحث عني...
أمّا إلهكم فليس الله!
الله يجمع لا يفرِّق...
الله يحب الحياة لا الموت...
الله يحب فيشارك وجوده لا يطلب دورًا...
الله يسير مع الإنسان لا يسيّره...
الله يجالس ويحاور ويكلّم...
كلّ شخص، كلّ مكان، كلّ زمان...
لا أؤمن بالإله المقسَّم المقسِّم...
أؤمن بالله المحبة...
أؤمن بالإنسان الواحد...
أؤمن بالروح الموحِّد...
وإذا لزم الأمر؛ فلكم إلهكم ولي الله...



Saturday, June 22, 2013

دوري ودورك؟!

تخيل معي زمان ومكان مختلفين... زمان ومكان حيث نجح الإنسان في الوصول إلى خلق أجنة محددة الهوية والدور. أي منذ التلقيح الاصطناعيّ يكون معروفًا أنّ هذا الجنين سيكون فلان بن فلان وسيعمل عامل، أو مزارع، أو مهندس، أوزعيم، أو محارب... تخيل معي هذا الزمكان حيث يكون كلّ جنين وكلّ إنسان هو فرد، لا بل هو رقم ودور... في هذا الزمكان يفقد الإنسان حرية الاختيار، حرية بناء شخصيّته، وحرية تكوين انتمائاته وقناعاته...
هذا الزمكان ليس بعيدًا عنا الآن، انظر حولك لتدرك ذلك. انظر حولك لتدرك إنّ العالم يتحول إلى هذا... يتحول الإنسان بشخصه إلى رقم، الجندي في الجيش رقم، العامل في المصنع رقم، المزارع في الحقل رقم، أنت في بلدك رقم، في دينك رقم، في العالم أنت رقم... رقم يحدده فقط الدور الذي تقوم به، ربما ليس هو الدور الذي تختاره بذاتك، بل هو دور نتيجة دينك أو جنسيتك أو دراستك أو عائلتك... دور قد لا تختار منه شيء، ولكنّك على الأقل تختار أنّ تبقى فيه ولا تغيّره... أنظر حولك، فتجد الناس تتكلم عن دور المصريّ بين العرب، ودور المسيحيّ في الشرق، ودور ودور وأدوار كثيرة... ولكنّنا أنا وأنت، أنحن فقط أدوار؟ أدوار محددة؟ أدوار مرتبطة باختيارات قام بأغلبها آخرون عنا؟
إنّ لكلٍّ منا دور، هذا صحيح... ولكنّه ليس دورًا محددًا، مثلاً كأنّ أكون عاملًا وأنّ تكون أنت عاملًا، هذا لا يعني أنّه يمكن تبديلك بي وتبديلي بك... بل إنّ الشخص هنا يصنع الفارق... الشخص هو أنا وأنت كلّ بفرادته، بمعتقداته، بتاريخه، بوجوده... أمّا في أيامنا هذه، فيحاول الكثيرون ربط الوجود بالدور، أي إنّك موجود بقدر ما تفعل الدور المطلوب منك... ولكنّ الوجود لا يتوقف على الدور... الوجود يتوقف عليك، أنت الإنسان، سيد الخليقة، وصورة الله على الأرض... أنت الذي يخلق دوره الفريد الذي لا ينازعه عليه شخص آخر... أنت لست رقمًا، ولا دورًا...
في أيامنا هذه، في أيام ينحصر بها الإنسان بالدور الذي يلعبه، في أيام بدأ تبديل الإنسان بروبوتات محددة الدور، في أيام يتطور العلم ليحاول الوصول إلى هذا الزمكان الذي يولد فيه الإنسان ليقوم بدور محدد ليس إلا، تواجهنا تحديات عدّة... أهمها إدراك وجودنا، ووجود من حولنا، إدراك أنّ الوجود يسبق الدور والماهيّة... وعندما ندرك هذا نبدأ رحلة الاهتمام بوجود كلّ إنسان، كل شخص، وإيقاظه ليخلق بكلّ حرية شخصه ودوره، ليساهم هو أيضًا في تغيير هذا العالم...


Wednesday, June 19, 2013

والغسالة بتلف، وتلف، وتلف

ترررررن
واحدة سنووز... ترررررن... كمان شوية.... تررررن... كمان واحدة سنووز...
يللا يا بني عل الشغل....
مفيش ابتسامة... يا دي النيلة رايح الشغل... امتى الويك اند بقى... 
دوش سخن... مكنة حلاقة...
قميص أبيض مالغسالة عل البدلة والكرافته اللي بتخنق...
يعني لازم اللبس ده للشغل؟ 
الشارع زحمة... واحد بيكسر... مش تفتح يا أعمى؟!
قهوة مظبوط يا عم...
الساعة لسه 12... اليوم مش بيخلص ليه؟!
لم الحاجة.. الساعة بقت 4:30...
القميص بقى رمادي... والكرافته مفكوكة...
يللا قابلني عل القهوة...
ﻷ يا حبيبتي مليش نفس أروح الفرح...
ايه القطوع؟ 
مين الكينج؟
شاي خمسينة يظبط...
ﻷ كفاية.. بكرة شغل...
القميص بقى أسود... والكرافته مقلوعة...
الغسالة بتلف... القميص جواها..
عشان صاحبنا بكرة عنده شغل...
والغسالة بتلف، وتلف، وتلف....

المسيحي في مصر 2012

منذ 25 يناير 2011 وأنا، كمصريّ، أتابع حال بلدي الحبيب. وكمسيحيّ أتابع حال إخوتي المسيحيّين الذي يتغيّر كلَّ يوم كما أغيّر ملابسي. ولا أدعي أنّ حالي، أنا أيضًا، لم يتغير بين مناصر للثورة ومضاد لها وعودة مرة أخرى إلى صفوفها. وأتابع دائمًا خوف إخوتي من وصول الإخوان إلى الحكم خوفًا يصل إلى الرعب، وكأنّ وصول الإخوان يعني بالضرورة القضاء على المسيحيّين في مصر. واليوم بعد وصولنا إلى الإعادة بين أحمد شفيق ومحمد مرسي أي بين النظام السابق العسكريّ وبين جماعة الإخوان المسلمين، أرى كلَّ المسيحيّين وحتى المسلمين المعتدلين يلجأون إلى النظام السابق وعفا الله عما سلف.
استيقظت اليوم لأجد خيالي شاطحًا إلى تخيّل موقف يسوع المسيح إذا عاش في كمواطن مصريّ في أيامنا، فماذا سيكون موقفه من كلِّ ما يجري منذ 25 يناير 2011 إلى اليوم 26 مايو 2012، علمًا بأنّ المسيح لم يعش في ظروفٍ أحسن من هذه. فماذا لو؟ دعوني أشطح بخيالي وأكتب قصة الشاب يسوع الذي يقال له المسيح خلال ثورة مصر 2011 – 2012.
يوم 25 يناير 2011، استيقظ يسوع وعلم أنّ اليوم ليس يومًا عاديًّا في مصر. خرج الجميع إلى الشوارع لينادوا بالخبز والحرية والكرامة لكلّ المواطنين. فتحركت مشاعره، وكيف لا وهو الثائر الحالم الأوّل؟ ولكنّ ثورته ليست بالحرب والهتاف ولكن ثورته ثورة حبّ.
خلال أيام الثورة، ذهب يسوع إلى ميدان التحرير عدّة مرات، ولكن لا ليهتف ويسقط نظام، حتى وهو يعلّم أنّه فاسد، ولكن ليعمل عمله المبدع، عمل الشفاء، شفاء الأنفس والأجساد. فكان ينتقل من هذا إلى ذاك مساعدًا كلَّ من يحتاج إلى مساعدة. وهو يعلم أنّه ملك، ولكنّ مملكته ليست من هذا العالم.
سقط النظام الفاسد وباتت مصر في مرحلة محرجة من تاريخها، تبحث عن الخروج مما سببه النظام السابق وتسعى لأن تكون دولة قائمة على الحرية. فكيف لا يسعد يسوع وهو محرر العالم ومخلصه؟
بدأت الاستعدادات للانتخابات، وعلم يسوع أنّ المرشحين متنوعون، فيهم من كان ضمن النظام السابق، وفيهم الثوريّ، فيهم المسلم المعتدل وفيهم الإخوان المتشددون. فما كان منه، إلا أن قال: "اعط ما لقيصر لقيصر، وما لله لله"، فلم يحث أصدقاءه على أي اختيار، واختار هو من رأه صالحًا لبلده الذي يعيش فيه.
ويوم 25 مايو 2012، أي بعد عام وأربعة أشهر من خروج الشعب، كان يسوع كسائر المصريّين ينتظر النتائج على أحر من الجمر. وظهرت النتائج، فكان التأهل للجولة الثانية بين مرشح النظام السابق والمسلم الإخوانيّ المتشدد.
فماذا يفعل يسوع؟
ظلّ يسوع على موقفه فلم يحث أصدقاءه ومعارفه وأتباعه على أي خيار، ولكن ذكرهم بآبائهم المسيحيّين الأوائل وكيف عاشوا وتقدسوا في ظلّ حكم رومانيّ قمعيّ وتشدد يهوديّ أهوج.
يسوع لن يبطل صوته، فما لقيصر لقيصر، ولن يحث أحد على أي اختيار، فمملكته ليست من هذا العالم، ولكنّه سيقوم بصلاته ويشكر الآب ويصلي من أجل تلاميذه أن يكونوا واحدًا، سينظر لكلٍّ منهم ويحبه، سيقول له:
"أنا هو الربّ إلهك الذي أخرجك قديمًا من أرض مصر، ومن سبي بابل، ومن سلطان الخطيئة، ومن ديجور الظلام. أنا هو من خلقك، وأحبك، ورعاك، ليس الحاكم ولا الجيش ولا المال، فلا يكن لك إله غيري، أنا عمانوئيل الذي تفسيره "الله معنا". أنا هو مخلصك ومحررك ومنبع ثورتك، فليكن تمردك معي وبين يديَّ، لأنّي أحبك".
لا أعلم من سيختار الربّ، ولكنّي أعلم أنّه معي فمن عليَّ.
لا تخف أيها القطيع الصغير، فالربّ معك جيلاً فجيل.
لن تنتهي المسيحيّة لأنّها ليست فقط ديانة أو عبادة، إنّها إيمان ورجاء ومحبة منبعهم يسوع المسيح وحياته، فاقتدِ به.

سامر حنّا 
مصريّ مسيحيّ
الربوة - لبنان في 26 مايو (ايار) 2012

من أنا؟

من أنا؟
في وسط كلّ المخلوقات، من أنا؟
في وسط عدد البشر اللامتناهي، من أنا؟
في جمال الطبيعة، من أنا؟
في تناسق الألوان، من أنا؟
في تناغم الألحان، من أنا؟
في قوة الأسود، من أنا؟
في وداعة الحملان، من أنا؟
في حكمة الفهماء، من أنا؟
في علم العلماء، من أنا؟
في كلّ خلائقك، من أنا؟
من أنا، يا ربّي، حتى تعرفني؟
من أنا حتى تكلمني؟
من أنا حتى تختارني؟
من أنا حتى ترسلني؟
من أنا حتى تظهر لي؟
من أنا حتى تطرق على باب قلبي؟
من أنا حتى أقبلك أو أرفضك؟
من أنا حتى أتكلم باسمك؟
من أنا حتى أعمل أعمالك؟
من أنا حتى تدخل داخلي؟
من أنا حتى أراك متجسدًا؟
من أنا حتى أعطيك للآخر؟
من أنا حتى أطلبك فأجدك؟
من أنا؟
من أنا، يا ربّي، أمام جلالك وجمالك، بهائك وعظمتك، قوتك وحكمتك، لانهائيتك؟
من أنا، يا ربّي، حتى أمسكك بيدي؟
من أنا؟
أو بالأحرى، من أنت؟
أعجز عن فهم محبتك اللامحدودة...
أعجز عن إدراك ملكك من فوق الصليب...
ولكنك أنت... وبك أكون أنا...

المسيحيّة بين الحياة والديانة

المسيحيّة بين الحياة والديانة
في هذا الزمن، زمن الصوم، زمن النسك والتقشف، أقرأ كتاب عن بولس الرسول، رسول الأمم، رسول يسوع وقلبه ولسانه. أرى اهتداء شاول بنظرةٍ جديدةٍ. أرى كيف تحوّل هذا المضطهِد إلى ذاك الرسول. كيف تحولت الكراهية إلى المحبة. وتسألت عن الكنيسة. الكنيسة المجاهدة المضطهَدة وكنيسة اليوم. عن عدد المسيحيّين. عن الدين المسيحيّ. وعن اتّباع المسيح. وما الفرق؟
أليس من يتبع المسيح مسيحيًّا؟
وهنا وقفت وتسألت "من هو المسيح؟"
أهو هذا الضعيف المصلوب الذي يظن من يتبعه أنّ عليه فقط أن يستسلم إلى واقعه فهو له الحياة الأبديّة فقط، وأنّ عليه قمع الجسد والشهوات مما يصل إلى كره الجسد كأنّه من الشرير؟ ألم يخلق الله هذا الجسد وهذه الشهوة؟
أم المسيح هو ذاك الذي يُمجَد في الفاتيكان والكنائس الأخرى في مختلف الطوائف المسيحيّة؟
بين المسيح الذي رفضه نيتشه إلى المسيح الذي يحمل اسمه أكثر من مليار إنسان، من هو يسوع المسيح ابن الله الحيّ الذي أعلنه بطرس والتلاميذ والرسل خاصةً بولس بعده؟
المسيح هو الإله الثائر، الإله الذي بدّل قوانين البشر بقوانين الله.
هو من ثار على الدين، والشريعة والقواعد. هو من ثار على القوة والمجد العالميّ.
ساعيًّا إلى المجد أيضًا ولكن مجد ليس من هذا العالم كما يقول، مجد أبيه الله الآب.
لذلك أذهل من عدد المسيحيّين ومجدهم. أطرح السؤال فقط.
هو الثائر الحالم الأوّل.
من به وله وفيه خُلِق الإنسان.
من حلم للإنسان بما بعد الإنسان.
من ثار وصار إنسانًا.
ليشعل ثورة إنسانيّته فيرفعه إلى ما خُلِق ليكون عليه. إلى مثال الله.
فهو ليس هذا الضعيف الذي عبدته المسيحيّة سابقًا وليس هذا المتعالي الذي يتشبه به المسيحيّون.
إنّه هذا المصلوب الممجد. هذا المائت القائم. وإياه!
عرش الله الشيروبيميّ هو خشبة صليبيّة.
ما أغرب هذه المفارقة!
وما أصعب دعوة اتّباعه!
فمن عليه أن يتبعه وجب عليه أن يعرف أنه كاملٌ بيسوع المسيح وساعيٌ دائمًا لهذا إنما لن يصل إلى هذا إلا بعرشٍ صليبيٍّ.
هذه هي المسيحيّة الحيّة. مسيحيّة الحياة.
هي ليست الدين والعبادة.
هي ليست المجد الكنسيّ. هي ليست استسلامًا للواقع. هي حمل صليب ولكن بمجدٍ وثورة.
هي غوصٌ في نظرة محبة من إلهٍ ثائرٍ متمرد.
إلهٌ خلق ويخلق بمحبة بسبب المحبة ومن أجل المحبة.
هي إدراكٌ صعبٌ مستمرٌ. إدراكٌ وعيشٌ لحبِّ هذا الإله.
هي انجذاب.
فمن يدرك هذا الحبّ ينجذب أي يصبح مجذوب. مجنون.
مجنون محب يسعى ويطلب أن يحب كما أحبه هو.
أيّ أن يحب إلى المنتهى. إلى الموت. موت الصليب.
ليس الموت الحرفيّ ولكن الموت عن الذات والأنانيّة.
وليس صليب الجلجثة، فهو غير مستطاع إلاّ لمن حمله ورُفِع عليه.
إنما هو صليبٌ خاصٌ وشخصيٌ.
وكعود صليب المسيح، يبحث الإنسان عن صليبِهِ.
وحين يجده...
عليه أن يختار بين المسيحيّة الدين والمسيحيّة الحياة.

سامر حنّا                  
الربوة – لبنان في 23 شباط (فبراير) 2012

لن ننساك أبدًا!

لن ننساك أبدًا!
هي جملة نكتبها عند فقداننا شخص ما. قد يكون قريبًا أو بعيدًا. شابًا أو شيخًا. ذكرًا أو أنثى، فنضيف كسرة صغيرة.
هي جملة نرسلها إلى أنفسنا قبل أن نرسلها إلى ذاك الشخص المتوفي.
هي جملة نستحضر بها كل الذكريات وننسى بها كل المواقف السيئة.
لن ننساك هي جملة تعبر عن خوفنا المتأصل.
نعم، إن في أعمق أعماقنا خوفًا!
خوفٌ أن نُنسى.
خوفٌ ألا يتذكرنا أحدٌ. يدفعنا إلى تخيّل من سيتذكرنا بعد موتنا، من سيأتي إلى جنازتنا، ومن سيذكرنا بالخير.
خوفٌ يظهر عندما نختفي عن أقرب الناس لنا، أو يختفون هم عنا.
خوفٌ دفع الإنسان منذ الأزل إلى البحث عن أكسير الحياة والخلود.
هذا الخوف الذي دفع حضارات وأديان للتكلم عن حياة ما بعد الموت، وحضارات وأديان أخرى للتكلم عن العودة للحياة الأرضيًة.
هذا الخوف الذي يدفعنا للقيام بأعمالٍ لتخلد ذكرانا.
خوفٌ دخل للعالم عن طريق الحذر والخطيئة. خوفٌ ناتجٌ عن رفض كوننا أبناء الله.
خوفٌ يجيب الله عنه: "هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟ حَتَّى هؤُلاَءِ يَنْسَيْنَ، وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ. هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ. أَسْوَارُكِ أَمَامِي دَائِمًا".
وفي مقابل هذا الخوف، نجد الدعوة الوحيدة التي تخلد ذكرانا.
دعوة أن نحب! كلٌّ بطريقة، وكلٌّ باتجاه، وكلٌّ في وقته!
وخطيئتنا المتأصلة تكمن في استغلالنا دعوتنا الخاصة للرد عن خوفنا المتأصل.
فلننس خوفنا ونهتم بحبنا!
 "فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا".

The Dark Tunnel

Sometimes I go in that dark tunnel, not seeing any light. Asking myself who’s God? Where’s God? Why God? And I never find answers.
What’s the meaning of my prayers?
Somebody is out there hearing?
God is really God?
All this can’t be true. Am I dreaming? Is this world real? What am I doing here? What am I living for? Is this my vocation? Am I really called for this? How my life will continue?
And sometimes I just live. I never know what’s true and what’s false. What’s real and what’s illusion?
Am I loved? Am I remembered?
Is there any hope? God is not anymore this God I experienced before. I used to ask and get answers, direct and loud answers.
Everybody is asking me to pray for me. And I always want to cry: “Please pray for me!!”
Do I love what I do? Or what am I really searching for?
I can never talk with anyone. What will they say? Can somebody imagine I’m saying this?
This can’t be real!!
One day I might get answers but what about now?!
Is it about faith? I have many proofs, spiritual, theological, philosophical, and scientific.
Is it about hope? If I lose hope, I’ll be dead.
It’s all about Love.
Whenever I can’t see, whenever I can’t feel, whenever I can’t trust, whenever I can’t believe, whenever I can’t live… I have nothing but Love.
I’m hearing the words saying: when you lose faith, when your hope is dark, just live with Love.
I’m getting out in this dark tunnel, searching for God. But he’s always closer than that.
Maybe in the dark, I see the light much brighter. Maybe when I’m away, I see him closer.
But when I’m closer, I have to be more attentive.
Love said it all! And the divine became flesh!
And the people living in the darkness have seen a great light!

رجال الإيمان

الإيمان قفزة في المجهول. قفزة تقوم بها وليس أمامك سوى رجاء الطيران بجناحي الروح القدّس. قد تحسب وتعد كلَّ شيء ولكن لتقوم بهذه القفزة تحتاج قرارًا إيمانيًّا نابعًا من أعمق أعماق قلبك.
الإيمان أيضًا هو الجديد. هو الذهاب في طريق غير واضح ناظرًا إلى نور واضح في النهاية، عارفًا أنّ الطريق نفسه ليس مهمًا، ولكن الهدف يستحق المغامرة والمرافق يعرف أفضل.
الإيمان أيضًا هو أن تغمض عينيك كالعميان، وتضع يدك على كتفي مرافقك وتمشي خلفه. وفي هذا الموقف ثقة في مرافقك  وفي ذاتك أيضًا.
والإيمان هو أن تكون رجل إيمان. رجل الإيمان ليس من يركع ويصلي طول الوقت، بل من يسمع صوت الله في قلبه ويتبعه متخليًا عن كبريائه، متحليًا بالشجاعة، ومتجليًا بالرجاء.
رجل الإيمان هو من مشى في الطريق ولا ينظر إلى الخلف، قد يقع ويقوم، قد يضعف، قد يحد عن الطريق، ولكنّه لن يترك المغامرة، لن يغمد سيف إيمانه قبل نهاية المعركة وحصوله على حريته.
ونحن الآن بحاجة إلى أن نكون رجال إيمان، في عصرنا هذا حيث اختلطت المفاهيم وانتشرت الألاعيب وتفشى الكذب والهرطقات وسيطرت السياسات والمصالح.
منذ سقراط، حاول العقل السيطرة على العالم. وبدأ الإنسان ينسى قلبه. ولكن كان دائمًا لكلِّ زمانٍ نبيٌّ ولكلِّ مكانٍ تشي. رجال إيمان تبعوا قلوبهم وأحكموا عقولهم، وحلموا بالحرية وسعوا لإنسانيّة أفضل، وأسلموا مسيرتهم بين يدي الله، وقاموا بالقفزة متحلين بالرجاء وثابتين في الإيمان، غير عابئين بكلام العالم وآراء العالم، مدركين أنّهم ليسوا من العالم وإن كانوا في العالم.
وهؤلاء، هؤلاء فقط، هم من غيروا العالم!
فهلا قفزنا وانضممنا لهؤلاء المجانين لنغير عالمنا اليوم؟

محبوبتي


محبوبتي،
كم اشتقت إليكِ!
كلُّ كلماتِ الكون لا تكفيني للتعبير. بل وإن صرخت كلّ المخلوقات، فهي لا تستطيع أن تدلك على قدر اشتياقي...
اشتقت لعينيك... لشفاهك...
اشتقت أن أخذك بين ذراعيّ وننسى العالم.
لم أختفي عنكِ ... لم أمل وجهي بعيدًا..
لم أدعكِ تتخبطين في هذا العالم... عالم الأوهام والنسيان...
لم أترككِ لحظةً...
وكيف لي أن أترككِ وقد نقشت اسمك في قلبي؟
كيف لي أن أمل وجهي عنكِ وأنتِ في حدقة عيني؟
كيف أدعكِ في هذا العالم وحدَكِ وأنا أتفقدكِ كلَّ لحظة؟
كم أشتاق أن تكوني معي دائمًا! خارج هذا العالم...
خارج هذا الزمان وهذا الزمان...
في كلِّ مكانٍ...
في شوارع باريس... وشواطئ الإسكندريّة...
في احتفالات ريو... وصحاري أفريقيا...
في أرز لبنان... وقمة الهيمالايا...
في قاع البحر... وفوق سحب السماء...
طيرِ معي يا حبيبتي... فليس هنالك غيركِ وغيري.
أنت جميلتي...
كم أريد أن تكوني معي... في زمني الخاص...
حيث لا حركة ولا زمن... بل أبديّة وحياة.
لم أنسَ صراخكِ... أتيتكِ... في ضعفكِ وقوتكِ.. فأعطيكِ قوتي...
كم أود أن أضع شمالي تحت رأسك... أعانقكِ بيميني...
أنظر لعينيك وأحبكِ... وأخرجك من حبسكِ...
شفاهكِ لا تمل من ذكر اسمي... ولا أمل من سماع صوتكِ...
فلا تكوني فاترةً، بل حارة...
أبقِ عينيكِ شاخصةً في عينيَّ ولا تحيدي عني...
فتري كيف أراكِ جميلة، عفيفة...
كم أود أن أحتضن روحكِ... مجردةً عن كلِّ ما يبعدها عن نظري...
كم أود أن يذوب عقلك في عقلي... فأفيض عليكِ حبي...
أنت دائمًا في قلبي... فلا تطفئي لهيب حبكِ واشتياقكِ...
أبقِ شمعتك مشتعلة... فها أنا عروسكِ راجعٌ إليكِ...
أتيتك بالشمس والقمر والكواكب...
أتيتك بالأرض وما عليها...
بكلِّ طير السماء... وبكلِّ دابةٍ على الأرض...
أعطيكِ الشروق والغروب... الصباح والمساء...
أعطيكِ النور، فلا تسيري في الظلمة...
فحبي لكِ نورٌ من حياتي... وحياتك نورٌ للعالم المظلم...
أحببتكِ... فلبس روحي جسدًا...
أحببتكِ... فذهبت إلى المنتهى...
وغدًا يأتي اليوم... يوم نلتقي مجددًا...
تعبرين على صليبي... فألقاكِ فاتحًا ذراعيَّ...
أزفكِ إليَّ عروسةً كاملةً عفيفةً...
أحبكِ... وقبلاتي لكِ لا تنتهي...
أحبكِ... ونظراتي لكِ تغوص في أعماقكِ...
أحبكِ... وأنينك يجرح قلبي...
أحبكِ... وأعطش لعطشكِ...
أحبكِ... قصة بدأت ولن تنتهي...
عروسكِ يسوع

حيث يكون كنزك يكون قلبك

"حيث يكون كنزك يكون قلبك" متى 6: 21
لله قلب...
قلب كبير محب... قلب حرّ... قلب فرِّح...
وفي وسط هذا القلب، أنا وأنت..
أنا وأنت، موضوع محبة وحرية وفرح الله...
أنا وأنت، كنز الله...
وعلى صورة هذا القلب، خلق الله... خلقني وخلقك...
خلق قلبنا محب، وحر، وفرِّح... على صورة قلبه... معًا، نحن كنز الله...
ولكنّنا صدقنا كذبة...كذبة أدخلت شك...وشك أدخل خوف...
خوف من النسيان... فنسينا الفرح...
خوف من التغيير... فنسينا الحرية... 
خوف من الآخر... فنسينا المحبة...
خوف من قلبنا... فنسينا كنزنا...
وكنزنا هذا هو أعمق رغباتنا...
كنزنا هو دعوتنا الحقيقيّة...
كنزي هو حيث يتحد قلبي بقلبك وبقلب الله...
حيث يتلاقى ما أعرفه، مع ما أحبه، مع ما تحتاجه أنت، ومع ما يبقيني في قلب الله...
هذه هي دعوتي...
قلب حرّ، محب، فرح، متحدًا بقلب الله...
وعلى كلٍّ منا أن يطرح هذا السؤال...
أهذا كنزي؟ أم هي دوامة الحياة؟
لا يهم ما أعرفه وما لا أعرفه... فالتعلّم دائم...
لا يهم ما أضحي به... فالتضحية جزء من الحياة...
لا يهم ما أواجه من مشاكل... فالصليب ليس النهاية...
لا يهم ما أخاف... فالخوف كذبة أخرجتنا من الفردوس...
المهم أن يشبه قلبي قلب الله...
المهم أن يهب الريح حيث يشاء...
المهم أن أحب الرب من كلِّ قلبي...
المهم أن يكون فرحي كاملاً...
لهذا... ولهذا فقط...
لا أخاف من التغيير، والنسيان، والآخر...
لهذا... ولهذا فقط...
أتبع قلبي...
فحيث يكون كنزي يكون قلبي...
وحيث يكون قلبي يكون الفرح والحرية والمحبة...
يكون قلب الله...

الثمرة المحرمة

الثمرة المحرمة
"يوم تأكلان من ثمر تلك الشجرة تنفتح أعينكما وتصيران مثل الله تعرفان الخير والشر".
كان ثمر هذه الشجرة طيبًا للمأكل وشهيًا للعين.
وكيف لا وهي الشجرة التي تجعل الإنسان كالله؟ وكيف لا وهي الشجرة التي ستفتح عين الإنسان؟
وكيف لا وهي شجرة الثمرة المحرمة؟
كانت الثمرة المحرمة كذبة، كذبة أدخلت شك، شك أدخل خوف.
كذبة ألا يكون الله خلق الإنسان على صورته كمثاله. شك في كمال محبة الله. وخوف ألا يكون الإنسان كاملاً.
ونتيجة لهذه الكذبة بقيَ الإنسان حتى الآن يسعى إلى الكمال. خائفًا ألا يكون كاملاً.
كانت إمرأة أوريا ثمرة داود المحرمة. وكان الختان ثمرة أهل غلاطية المحرمة.
ولكلٍّ منا ثمرة محرمة. ثمرة تجعلنا نظن إنّنا لسنا كاملين إذا لم نحصل عليها.
ثمرة شهية للعين.
كم مرة نسأل أنفسنا: أحقًا؟ أحقًا لا نستطيع أن نأكل من كلِّ ثمر الجنة؟
كم مرة ننظر إلى ثمرةٍ ما ونظن أنها كلَّ شيء في العالم؟
كم مرة نشك ولا نصدق أنّ هذه الثمرة ليست لنا، بل هي كذبة ستدخل لنا الموت؟
كم مرة نضع هذه الثمرة كملجأ وحجة ودفاع حتى لا نحب؟
كم مرة ندرك إنّنا نخاف؟
نخاف من الآخر، من الحبّ، من الله!
كم مرة لا ندرك إن هذه الثمرة تجعلنا ندرك أنّنا عريانون؟
كم مرة لا ندرك إن هذه الثمرة تجعلنا نهرب من الصوت الصارخ: "أين أنت؟"؟
هذه الثمرة التي أخرجت آدم القديم من الفردوس. هي هذه الثمرة التي ننظر إليها أنا وأنت!
هذه الحية القديمة التي تخاطب عقولنا وتشكك في كمالنا الحقيقيّ.
خلق الله آدم بكلمة "كن!"، ولكن آدم لم يدرك إنّ بهذه الكلمة كماله!
لم يدرك إنّ قلبه هو على مثال قلب الله. لم يدرك إنّ بإيمانه وبحواء هو كاملٌ لا يحتاج إلى ثمرة محرمة.
والآن هل ندرك هذا أنا وأنت؟
هل نسمع صوت الله الخالق: "كن!"؟
أم نترك أعيننا تنخدع بصوت الموت المشكك؟
قد تكون أنت آدم القديم، فهل تدرك إن هذه هي حيتك الغاوية؟
وقد تكونِ أنتِ حواء القديمة، فهل تدركين إن هذه هي ثمرة المحرمة؟
 

الدايرة

دنيا وبتلف في دواير...
الكل في غسالة. الكل حاير...
فاكرها الحياة وفيها ساير...
خايف يحب... خايف يحلم... خايف من خساير...
والشاطر يكسر الدايرة... ويوصل للحراير...
وعجبي