Wednesday, June 19, 2013

المسيحي في مصر 2012

منذ 25 يناير 2011 وأنا، كمصريّ، أتابع حال بلدي الحبيب. وكمسيحيّ أتابع حال إخوتي المسيحيّين الذي يتغيّر كلَّ يوم كما أغيّر ملابسي. ولا أدعي أنّ حالي، أنا أيضًا، لم يتغير بين مناصر للثورة ومضاد لها وعودة مرة أخرى إلى صفوفها. وأتابع دائمًا خوف إخوتي من وصول الإخوان إلى الحكم خوفًا يصل إلى الرعب، وكأنّ وصول الإخوان يعني بالضرورة القضاء على المسيحيّين في مصر. واليوم بعد وصولنا إلى الإعادة بين أحمد شفيق ومحمد مرسي أي بين النظام السابق العسكريّ وبين جماعة الإخوان المسلمين، أرى كلَّ المسيحيّين وحتى المسلمين المعتدلين يلجأون إلى النظام السابق وعفا الله عما سلف.
استيقظت اليوم لأجد خيالي شاطحًا إلى تخيّل موقف يسوع المسيح إذا عاش في كمواطن مصريّ في أيامنا، فماذا سيكون موقفه من كلِّ ما يجري منذ 25 يناير 2011 إلى اليوم 26 مايو 2012، علمًا بأنّ المسيح لم يعش في ظروفٍ أحسن من هذه. فماذا لو؟ دعوني أشطح بخيالي وأكتب قصة الشاب يسوع الذي يقال له المسيح خلال ثورة مصر 2011 – 2012.
يوم 25 يناير 2011، استيقظ يسوع وعلم أنّ اليوم ليس يومًا عاديًّا في مصر. خرج الجميع إلى الشوارع لينادوا بالخبز والحرية والكرامة لكلّ المواطنين. فتحركت مشاعره، وكيف لا وهو الثائر الحالم الأوّل؟ ولكنّ ثورته ليست بالحرب والهتاف ولكن ثورته ثورة حبّ.
خلال أيام الثورة، ذهب يسوع إلى ميدان التحرير عدّة مرات، ولكن لا ليهتف ويسقط نظام، حتى وهو يعلّم أنّه فاسد، ولكن ليعمل عمله المبدع، عمل الشفاء، شفاء الأنفس والأجساد. فكان ينتقل من هذا إلى ذاك مساعدًا كلَّ من يحتاج إلى مساعدة. وهو يعلم أنّه ملك، ولكنّ مملكته ليست من هذا العالم.
سقط النظام الفاسد وباتت مصر في مرحلة محرجة من تاريخها، تبحث عن الخروج مما سببه النظام السابق وتسعى لأن تكون دولة قائمة على الحرية. فكيف لا يسعد يسوع وهو محرر العالم ومخلصه؟
بدأت الاستعدادات للانتخابات، وعلم يسوع أنّ المرشحين متنوعون، فيهم من كان ضمن النظام السابق، وفيهم الثوريّ، فيهم المسلم المعتدل وفيهم الإخوان المتشددون. فما كان منه، إلا أن قال: "اعط ما لقيصر لقيصر، وما لله لله"، فلم يحث أصدقاءه على أي اختيار، واختار هو من رأه صالحًا لبلده الذي يعيش فيه.
ويوم 25 مايو 2012، أي بعد عام وأربعة أشهر من خروج الشعب، كان يسوع كسائر المصريّين ينتظر النتائج على أحر من الجمر. وظهرت النتائج، فكان التأهل للجولة الثانية بين مرشح النظام السابق والمسلم الإخوانيّ المتشدد.
فماذا يفعل يسوع؟
ظلّ يسوع على موقفه فلم يحث أصدقاءه ومعارفه وأتباعه على أي خيار، ولكن ذكرهم بآبائهم المسيحيّين الأوائل وكيف عاشوا وتقدسوا في ظلّ حكم رومانيّ قمعيّ وتشدد يهوديّ أهوج.
يسوع لن يبطل صوته، فما لقيصر لقيصر، ولن يحث أحد على أي اختيار، فمملكته ليست من هذا العالم، ولكنّه سيقوم بصلاته ويشكر الآب ويصلي من أجل تلاميذه أن يكونوا واحدًا، سينظر لكلٍّ منهم ويحبه، سيقول له:
"أنا هو الربّ إلهك الذي أخرجك قديمًا من أرض مصر، ومن سبي بابل، ومن سلطان الخطيئة، ومن ديجور الظلام. أنا هو من خلقك، وأحبك، ورعاك، ليس الحاكم ولا الجيش ولا المال، فلا يكن لك إله غيري، أنا عمانوئيل الذي تفسيره "الله معنا". أنا هو مخلصك ومحررك ومنبع ثورتك، فليكن تمردك معي وبين يديَّ، لأنّي أحبك".
لا أعلم من سيختار الربّ، ولكنّي أعلم أنّه معي فمن عليَّ.
لا تخف أيها القطيع الصغير، فالربّ معك جيلاً فجيل.
لن تنتهي المسيحيّة لأنّها ليست فقط ديانة أو عبادة، إنّها إيمان ورجاء ومحبة منبعهم يسوع المسيح وحياته، فاقتدِ به.

سامر حنّا 
مصريّ مسيحيّ
الربوة - لبنان في 26 مايو (ايار) 2012

1 comment:

  1. :D WOW...!
    This is exactly what I was saying..!!!!!
    :)))))))

    ReplyDelete