Wednesday, June 19, 2013

المسيحيّة بين الحياة والديانة

المسيحيّة بين الحياة والديانة
في هذا الزمن، زمن الصوم، زمن النسك والتقشف، أقرأ كتاب عن بولس الرسول، رسول الأمم، رسول يسوع وقلبه ولسانه. أرى اهتداء شاول بنظرةٍ جديدةٍ. أرى كيف تحوّل هذا المضطهِد إلى ذاك الرسول. كيف تحولت الكراهية إلى المحبة. وتسألت عن الكنيسة. الكنيسة المجاهدة المضطهَدة وكنيسة اليوم. عن عدد المسيحيّين. عن الدين المسيحيّ. وعن اتّباع المسيح. وما الفرق؟
أليس من يتبع المسيح مسيحيًّا؟
وهنا وقفت وتسألت "من هو المسيح؟"
أهو هذا الضعيف المصلوب الذي يظن من يتبعه أنّ عليه فقط أن يستسلم إلى واقعه فهو له الحياة الأبديّة فقط، وأنّ عليه قمع الجسد والشهوات مما يصل إلى كره الجسد كأنّه من الشرير؟ ألم يخلق الله هذا الجسد وهذه الشهوة؟
أم المسيح هو ذاك الذي يُمجَد في الفاتيكان والكنائس الأخرى في مختلف الطوائف المسيحيّة؟
بين المسيح الذي رفضه نيتشه إلى المسيح الذي يحمل اسمه أكثر من مليار إنسان، من هو يسوع المسيح ابن الله الحيّ الذي أعلنه بطرس والتلاميذ والرسل خاصةً بولس بعده؟
المسيح هو الإله الثائر، الإله الذي بدّل قوانين البشر بقوانين الله.
هو من ثار على الدين، والشريعة والقواعد. هو من ثار على القوة والمجد العالميّ.
ساعيًّا إلى المجد أيضًا ولكن مجد ليس من هذا العالم كما يقول، مجد أبيه الله الآب.
لذلك أذهل من عدد المسيحيّين ومجدهم. أطرح السؤال فقط.
هو الثائر الحالم الأوّل.
من به وله وفيه خُلِق الإنسان.
من حلم للإنسان بما بعد الإنسان.
من ثار وصار إنسانًا.
ليشعل ثورة إنسانيّته فيرفعه إلى ما خُلِق ليكون عليه. إلى مثال الله.
فهو ليس هذا الضعيف الذي عبدته المسيحيّة سابقًا وليس هذا المتعالي الذي يتشبه به المسيحيّون.
إنّه هذا المصلوب الممجد. هذا المائت القائم. وإياه!
عرش الله الشيروبيميّ هو خشبة صليبيّة.
ما أغرب هذه المفارقة!
وما أصعب دعوة اتّباعه!
فمن عليه أن يتبعه وجب عليه أن يعرف أنه كاملٌ بيسوع المسيح وساعيٌ دائمًا لهذا إنما لن يصل إلى هذا إلا بعرشٍ صليبيٍّ.
هذه هي المسيحيّة الحيّة. مسيحيّة الحياة.
هي ليست الدين والعبادة.
هي ليست المجد الكنسيّ. هي ليست استسلامًا للواقع. هي حمل صليب ولكن بمجدٍ وثورة.
هي غوصٌ في نظرة محبة من إلهٍ ثائرٍ متمرد.
إلهٌ خلق ويخلق بمحبة بسبب المحبة ومن أجل المحبة.
هي إدراكٌ صعبٌ مستمرٌ. إدراكٌ وعيشٌ لحبِّ هذا الإله.
هي انجذاب.
فمن يدرك هذا الحبّ ينجذب أي يصبح مجذوب. مجنون.
مجنون محب يسعى ويطلب أن يحب كما أحبه هو.
أيّ أن يحب إلى المنتهى. إلى الموت. موت الصليب.
ليس الموت الحرفيّ ولكن الموت عن الذات والأنانيّة.
وليس صليب الجلجثة، فهو غير مستطاع إلاّ لمن حمله ورُفِع عليه.
إنما هو صليبٌ خاصٌ وشخصيٌ.
وكعود صليب المسيح، يبحث الإنسان عن صليبِهِ.
وحين يجده...
عليه أن يختار بين المسيحيّة الدين والمسيحيّة الحياة.

سامر حنّا                  
الربوة – لبنان في 23 شباط (فبراير) 2012

3 comments:

  1. The last sentences of each piece are very expressive, explicit and powerful. :)

    ReplyDelete
    Replies
    1. i remember when i wrote this one... it was so true for me.. i loved writing it :D

      Delete
  2. إلهٌ خلق ويخلق بمحبة بسبب المحبة ومن أجل المحبة.
    فمن يدرك هذا الحبّ ينجذب أي يصبح مجذوب. مجنون.
    مجنون محب يسعى ويطلب أن يحب كما أحبه هو.
    I started to feel this everyday..
    Love, is the answer for everything.. He is LOVE :) <3
    just amazing..

    ReplyDelete