Wednesday, December 24, 2014

مسيرة ميلاديّة ٢٠١٤

مسيرة استمرت 15 يوم:
1- التجسد ليس تنكر إله في جسد بشري... التجسد إله صار بشرًا...
2- التجسد ليس لقطة في زمن... التجسد ملء الزمن...
3- استقبال الميلاد ليس قلب لا يخطئ... استقبال الميلاد قلب يدرك تمرده وخطيئته ويعرف أن الله يحبه شخصيًا...
4- التجسد ليس إله يمزق السموات بقوته وجبروته... التجسد قدرة الله في تحويل ضعف المكان وظلمة الليل إلى نور حقيقي ينير كل إنسان...
5- فرح الميلاد ليس في مظاهر كبرنا عليها... فرح الميلاد هو في يوم ولادة المخلص
6- اختبار التجسد لا يفرض نفسه... اختبار التجسد يُمنَح لمن يستعد له ويذهب في طلبه...
7- الميلاد لا يتمثل في حبنا لهذا الوقت من العام... الميلاد يتمثل في الله الذي أحبنا أولاًوأرسل ابنه كفارةً عن خطايانا...
8- الميلاد ليس موسم الأضواء الساطعة... الميلاد ظهور نور العالم المعطي الحياة...
9- سر الميلاد ليس فيما نفعله لذواتنا ولا لذوينا ولا للمسيح ذاته... سر الميلاد فيما فعله المسيح لنا وفي منحنا الغفران ومنحنا الرجاء...
10- الميلاد ليس عيد متكرر سنويًا... الميلاد حدث يعاش للمرة الأولى كل سنة...
11- المسيح المتجسد ليس إله جاء ليدين... المسيح المتجسد هو إله جاء يعطي انتصار على الدينونة...
12- التجسد ليس عمل طارئ... التجسد التزام من الآب لأنه أحبنا ليصير أبًا لنا...
13- التجسد لم يدخل الله في زمننا ومكاننا فقط... التجسد يدخلنا في الزمن والمكان الإلهيان...
14- التجسد ليس دليل على طلبنا لله... التجسد دليل على أمانة الله وحضوره الدائم...
15- الميلاد ليس موسم تكوم الهدايا في المحلات... الميلاد هو حدث الخلاص...

Monday, December 01, 2014

خيم الليلُ

خيم الليلُ على قرية "بيت لحم" الصغيرة من أعمال يهوذا... مسقط رأس جده الملك "داود"... وكان "يوسف" يندب حظَه العاثر الذي أجبره أن يأتي إلى هذه القرية الصغيرة في مثل هذا الطقس البارد...
ولكن ما باليد حيلة... إنّها أوامر القيصر... ومن له أن يعصَ أوامره...
كانت الأحاسيس تختلط داخل قلب "يوسف"... وكيف لا؟ وهو سليل أسرة "داود" التي ملكت على إسرائيل... كان منذ صباه يعرف تاريخ عائلته ويمني نفسه أنّه سيكون الملك المختار الذي يعيد الملك لعائلته ولبني قومه...
إلا أنّه الآن عليه أن ينصاع لأوامر المحتل ويأخذ خطيبته الحامل...
خطيبته الحامل؟؟!!!
نعم... إن خطيبته "مريم" حامل...
وهو يعرف الكتب... "ها إن العذراء تحمل وتلد ابنًا"... عرف "يوسف" إنّه ليس الملك المختار... إنّما هو ابن خطيبته... وكيف لا؟ فهو و"مريم" من عائلة ملكيّة و"مريم" نسيبة عائلة كهنوتيّة... نعم سيكون المختار ملك وكاهن...
ها إن "مريم" تتأوه... يبدو إنّها آلام المخاض...
يتعجب الرجال من وجع الآلام التي تلم بنسائهم وقت الولادة... تبدو لهم آلامَ موت... ولكنّها تحمل سمات الحياة...
يأخذ "يوسف" امرآته ويدخل بها إلى أفخم نزل في "بيت لحم"... تكفي إشارة منه إلى بطنها وإيمائات توحي كرامة العائلة ليُفتَح لهم أكبر جناح في النزل...
إنّه المولود الملكيّ...
ها إن عيني الطفل "يسوع" تتفتح... وتنظر إليه عيني الملكة الأم...
هذا الطفل الذي سيُربى على الملك والثورة... سيلتف حوله الجميع ويسانده... سيقتحم قصر المحتل ويعلن الاستقلال... وستهتف المسكونة "عاش الملك"... "لا ملك لنا إلا هو"...
إنّه الملك والكاهن والرب رغم أنف الجميع... إنّه المحبوب الذي لا يمكن أن ترفضه ولا يمكن أن تعصاه... إنّه الملك حيث لا يوجد معارض... إنّه الرب حيث لا يوجد غير مؤمن... إنّه الإجبار والأمر الواقع...
إنّه ليس الله الحرية الذي يعطي الحرية ويحرر من يطلب الحرية...
إنّه ليس المحبة... إنّه ليس الله...
وجد "يوسف" نفسه أمام مذودٍ حقير حيث البهائم وبعض الرعاة وملوك من الشرق يقدمون هدايا من ذهبٍ ولبانٍ ومرٍ...
وأدرك مصيرَ الطفل... وفهم معنى آلام "مريم"... ورأى الوجع الذي يحمل في طياتِه الحياة... وعرف أنّ صرخة البشر "يا ليتك تمزق السماوات وتنزل" يقابلها إله أخلى ذاته لأنّه يحب...
وآمن...

Thursday, September 18, 2014

طوباكِ أيتها الخطيئة...

طوباكِ أيتها الخطيئة... لأنَّكِ بسببكِ تجسدَ المخلص

طوباكِ أيتها الخطيئة... لأنَّ بكِ أدركُ عدم كمالي

طوباكِ أيتها الخطيئة... لأنَّ فيكِ أرى ضعفي

طوباكِ أيتها الخطيئة... لأنَّ من خلالكِ قوةُ الله تكمل

طوباكِ أيتها الخطيئة... لأنَّ بسببكِ أنحني أمام المطلق

طوباكِ أيتها الخطيئة... لأنَّ بجهلي يخزي اللهُ الحكماء

طوباكِ أيتها الخطيئة... لأنَّ بضعفي يخزي اللهُ الأقوياء

طوباكِ أيتها الخطيئة... لأنَّ بسببكِ ألتجئُ إلى البار

طوباكِ أيتها الخطيئة... لأنَّ حيث كثُرتِ تفيضُ النعمةُ

طوباكِ أيتها الخطيئة... لأنَّ لخلاصي يحدقُ إليَّ المعلمُ الصالح ويحبني

طوباكِ أيتها الخطيئة... لأنَّ النعمة تكمل الناقصين

طوباكِ أيتها الخطيئة... لأنَّ النورَ يضيءُ في الظلمة

طوباكِ أيتها الخطيئة... لأنَّ لولاكِ ما صلبنا المسيح، ولولا الصليب ما رأينا القيامة ولولا القيامة لماّ بُررنا


Tuesday, September 02, 2014

لِمَ الله؟

إنّ قضية المطلق من القضايا الشائكة طوال تاريخ الإنسان. بل ربما تكون أهم القضايا على الاطلاق. فإنّ الاعتراف بوجود قوة عليا أو إنكار وجودها يسيّر الإنسان وحياتَه. سأحاول عرض أكثر من وجهة نظر لإجابة سؤال واحد: لِمَ الله؟
وسأبدأ بوجهة نظر الملحد الذي ينكر وجود حقيقة مطلقة عليا أو ما يطلق عليه الله.

"لقد مات الله"، تلك كانت صرخة بداية القرن العشرين التي صرخها الفيلسوف الألماني فريديريك نيتشه. ولكن كون الله مات، فهذا لا يعني سوى إنه لم يكن موجودًا منذ البدء، وإنّ كلَّ هذه الأفكار هي أساطير وخرافات كما قال أبو الإلحاد الحديث في العالم لودفيك فيورباخ.

يرفض الملحد وجود فكرة الله لأكثر من سبب: أولاً، لا توجد أدلة علميّة عن وجودِ الله، واختلاف البراهين العلميّة عمّا تقره الأديان. ثانيًا، وجود الله يكبت حرية الإنسان.ثالثًا، الأديان وما تقدمه من صراعات وسيطرة وهيمنة على الشعوب، كما قال الفيلسوف كارل ماركس. رابعًا، الصور الرمزيّة والأسطوريّة التي تعرضها الأديان عن الخلق والخالق والعالم. خامسًا، أفكار عن إله في السماء يراقب ويعاقب ويحاسب. سادسًا، لا ضرورة فلسفيّة أو أخلاقيّة لله. سابعًا، مشكلة وجود الشرّ في العالم.

تلك هي في رأيي أكثر أسباب رفض فكرةِ الإله التي استنتجتها من دراستي ومن قراءتي لأفكار الكثير من الملحدين. كما إنّه هناك الكثير من الأسئلة التي يطرحها الملحدون ليحرجوا المؤمنين، ومنها مثلاً: ماذا كان الله يفعل قبل خلق العالم؟ من خلق الله؟ هل الله الكليّ القدرة يستطيع خلق حجر أكبر منه لا يقدر هو نفسه على حمله؟ وغيرها من الأسئلة التي بُحثت على مرّ تاريخ الفلسفة والأديان.

وقد يرى بعض المؤمنين، خاصةً الشرقيّين، إنّ هذه الأفكار هي أفكار مستجدة دخلت إلى مجتمعنا مع الانفتاح على التقنيّة الحديثة والشبكات المعلوماتيّة. غير أنّ الكتب المقدسة تخبرنا عن وجود مثل هذه الأفكار منذ بداية الفكر، "قال الجاهل في قلبه: لا يوجد إله" من كتاب المزامير، كما أنّ غاية الفلسفة، خاصةً في القرون الوسطى، كانت الردّ على مثل هذه الأفكار والأسئلة ومحاولة إثباتِ وجودِ الله حتى إنّ أشهر التعريفات عن الفلسفة كانت: "الفلسفة خادمة اللاهوت".

للإجابة عن سؤال لِمَ الله؟ أحاول إيجاد تعريف مجرد لله يتفق عليه المؤمنون والملحدون على حدٍ سواء دون النظر إلى دين أيًا كان، الله هو كائن أزليّ أبديّ غير محدود غير ماديّ مطلق خالق. هذا التعريف يتفق المؤمن والملحد عليه ويختلفان من حول وجوده واقعيًّا أم لا. فيوافق المؤمن على وجوده ويرفض الملحد وجوده واقعيًّا.  

أعرض فيما يلي ردودًا على بعض الأسباب التي تشكك الملحدين.
أولاً، آرخ العلماء عمر الكون بحوالي 13.7 مليار سنة، والسؤال هنا كيف وُجِدَ الكون؟ للزمان والمكان بداية في نقطة معيّنة، إذًا لابد من وجود علّة خارجيّة عن الزمان والمكان أظهرت الكون. إنّ نظريّة الإنفجار العظيم تجيب عن هذا السؤال وتضعنا في معضلة أخرى: كيف وُجِد هذا الكون من العدم ومن خلال العدم؟ وإن كان هذا الوجود صدفة، فكيف نفسر الضبط الكونيّ الذي يسمح بتوافق تركيبة الإنسان مع الكواكب مع قوة الجاذبيّة وغيرها من القوى لتسمح بوجود الحياة؟ يرى العالم ليونارد سوسكند إنّ احتمال مثل هذه الصدفة يقدر ب 10-123 أي 1/10123.
يعدُ الإلحاد العلميّ أوضح مظاهر الإلحاد المعاصر، إلاّ أنّه يجب أنّ نوضح مجالات بحث العلم، والفلسفة، والدين. إنّ العلم يبحث عن الكيف ولا يؤمن إلاّ بالبراهين التجريبيّة، مما يبعد كلَّ البعد عن مجال بحث الفلسفة حيث يطرح سؤال لماذا أو مجال بحث الدين حيث يُطرَح السؤال عن العلّة الأولى ويعتمد على الكتب والوحي كمصدر أولي. ثُمَ أنّ العلم يتطور ويتغيّر يوميًا، فلا يمكن التسليم بقوانين علميّة قد تُثبت خطئها فيما بعد كما سبق كثيرًا في تاريخ العلم.

ثانيًا، إنّ وجودَ الله ضرورة فلسفيّة للإجابة عن أسئلة العلّة الأولى والمصير والموت والوجود ذاته والحقيقة ذاتها. فباختصار عدم وجود حقيقة مطلقة ينفي وجود حقيقة. وعدم الوجود ينفي الوجود ذاته. كما أنّ السؤال عن العلّة الأولى هو أهم أسئلة الإنسان منذ بداية الإدراك وحتى اليوم، حيث بدأت الفلسفة بالسؤال: من أنا؟ أمّا الموت فهو عائقٌ كبير أمام طموح الإنسان إلى الخلود والكمال. ولا يستطيع الإلحاد الإجابة عن معضلة الموت.
ثالثًا، إنّ وجودَ الله ضرورة أخلاقيّة. لا أدعي عدم وجود أخلاق عند الملحد، ولكنّ الملحدَ لا يستطيع تفسير سبب الأخلاق. فمن يحدد الخطأ والصواب؟ ومن يحدد كون هذا العمل أخلاقيًّا أو غيرَ أخلاقيّ؟ فإذا كان هذا التحديد يتم باتفاق المجتمع، فكيف نفسر الأخلاق لدى الإنسان البدائيّ أو المجتمعات النائيّة أو الجريمة؟ وإذا كان الإنسان هو الذي يحدد الأخلاق وهو من يراقب نفسه، فكيف يكون المشرِع والمتهم والمجني عليه في ذات الوقت؟

لن أخوض في دراسة الأديان والصور الدينيّة، غير أنّ نظرة الكنيسة الكاثوليكيّة تنص على استخدام الوحي بعض الصور للدلالة على حقائق روحيّة أزليّة. أمّا عن الأسئلة التالية: من خلق الله؟ فهو يتنافى مع تعريف الله حيث الله بطبيعته هو الخالق الأول، فمن غير الجائز أن نسأل هذا السؤال. ماذا كان الله يفعل قبل الخلق؟ فهو أيضًا يناقض ذاته حيث أنّ الزمان هو خليقة وُجد مع المكان، فقبل الخلق لم يوجد قبل، وقد أجاب القديس أوغسطينس عن هذا السؤال سابقًا. أمّا عن السؤال عن قدرة الله على خلق حجر يكبره ولا يقدر حمله؟ فهو أيضًا سؤال يتعارض مع طبيعة الله حيث يتم فيه مقارنة الماديّ بغير الماديّ. تبقى مسألتي الحريّة والشرّ من أهم المسائل المطروحة في السؤال عن وجودِ الله، والإجابة عنهم، في المفهوم المسيحيّ الذي ينص على "الله محبة" أي أنّ طبيعة الله الأولى وجوهره هي المحبة، في كلمة واحدة "حرية الإرادة". حريّة الإرادة هي الإجابة عن مسألة الشرّ، فإن خلق الله عالماً لا يوجد به شرٌّ، يحد من طبيعته المحبة. كما أنّ الحريّة واجبةٌ على الله، إنْ كان محبة!

إن "حرية الإرادة" هي كلمة السرّ في الإجابة عن سؤال "لِمَ الله؟"، فالله إن كان هو الكمال، لا يحتاج أن يجبرَ أحدًا على الاقتناع به، لذلك يتركه يختاره أو يرفضه.

في النهاية، أوضح أنّ ما ذكرته فيما سبق يُعد اختصارًا شديدًا لحجج وبراهين ومناقشات وحوارات لم ولن تنتهي، طالما عاش الإنسان. وأذكر أنّه كتب على قبر نيتشه، وهو الفيلسوف الذي قتل الله، "لقد مات نيتشه!". كما أذكر جملة قالها البطريرك مكسيموس الرابع: "الإله الذي لا يؤمن به الملحدون، لا أؤمن به أنا أيضًا"، وفي هذه الجملة إجابة عن أحد أهم أسباب الإلحاد المعاصر، وهو الأفكار المغلوطة التي نتوارثها عن الإله الجالس على عرشه يراقب الكون ويحاسب ويعاقب. هذا الإله الذي يرفضه من يؤمن بالله، من يؤمن بأنّ الله محبة ولا شيء غير المحبة.

وللحديث بقية!

سامر حنّا
القاهرة في 2 سبتمبر 2014

Tuesday, August 26, 2014

لا فائدة منه...

إلهي لا نفع له ولا فائدة منه...
إلهي لم يوجد مكانًا لمن لا يعبده ويستجديه...
إلهي لا يحسب حسناتي ولا يعد أخطائي...
إلهي لا يطلب مني شيئًا...
إلهي لا يجبرني عليه...
إلهي لا يغضب ولا يحزن...
إلهي لا يتكبر ولا يتجبر...
إلهي لا يملك شيء...
إلهي لا يبقي شيء له...
إلهي لا يُعرَف...
إلهي لا يجلس ولا يتحسس ذقنه الطويلة المرعبة...
إلهي ليس قصة أسطورية...
إلهي ليس حقيقة نسبية...
إلهي ليس إله الفلاسفة...
إلهي ليس الإله الذي يرفضه الملحدون...
إلهي ليس صانعًا...
إلهي ليس بعيدًا...
إلهي ليس له شيء...
ولكن من له الله له كلّ شيء...
لأن الله وجود...
لأن الله كيان...
لأن الله جوهر...
لأن الله يُكتشَف...
لأن الله يُختبَر...
لأن الله حق...
لأن الله ينزل...
لأن الله حرّ...
لأن الله جميل...
لأن الله خلاّق...
لأن الله حبّ...
والحبّ يوجد ولا يملك...
والحبّ يتجسد...





Thursday, August 14, 2014

"ع القهوة"

لكلٍّ منّا مكانُه... مكانٌ يذهب إليه ليلقى ذاتَه... ليخرج عن ذاتِه وينظر إلى عالم ظنّ أنّه محورُه... فيرى عالمًا وأناسًا وحياةً تمضي... ولا يدري به شخصٌ.
مَن منّا لا يعتقد إنّه محورُ العالم... مَن منّا لا يظنَّ أنّ الحياة ستتوقف بدونه... 
مَن منّا لا يعتقد إنّه مركز الكون... ثُمَّ يصمت فيرى حياةً ماضيةً خارجةً عنه... وهنا يبدأ السؤال...
وهكذا بدأت الفلسفة!
ومكاني هو "ع القهوة"... "ع القهوة" أجلسُ... أدخنُ... ألعبُ... أتكلمُ... أقرأ... أكتبُ... أتأملُ... أذهبُ في عوالم لم يطأها غيري... أرى أناسًا لم يعرفهم سوايَّ... أختلق لهم قصصًا لم يعيشوها... ومستقبلاً لن يروه... 
"ع القهوة" أرجيلة وشاي وقهوة وجنزبيل وعناب وكازوزة... ولكلِّ مشروب روايةٌ...
"ع القهوة" طرنيب وشطرنج وطاولة زهر... ولكلِّ لعبة مأساة...
"ع القهوة" جلباب وبذلة وخف وقمصان وجينز... ولكلِّ لباسٍ عالم...
"ع القهوة" ثورة وصفقة وحب وفشل ونجاح...
"ع القهوة" أصحاب وأعداء وأعمال ونفاق...
"ع القهوة" أدخل عالمي الخاص وأخرج خارج عالمهم... فأراني في مكانٍ لا يروني منه... وأراهم وأبني عوالمهم التي لم يعرفوها... أسمعهم ولا يسمعوني... فأدرك أنّ عالمي غير عالمهم... 
وأنّ العالم يسعَ الجميع...
"ع القهوة" عالمٌ مصغرٌ اكتشفته العقول...
"ع القهوة" أناسٌ يتركون عوالمهم ليخلقوا عالمًا جديدًا... 
عالمٌ خاصٌ لا يعرفه أحد... 
ولكلِّ "قهوة" طابعها ورائحتها... 
تمامًا كعاملها ومعلمها وأرجيلتها ومشاريبها وخدمتها...
"ع القهوة" من كلِّ أنحاء العالم، يجتمعُ أشخاصٌ جمعهم العالم ليبدأوا عالمهم...
وفلسفتهم... وقهوتهم...


Sunday, July 27, 2014

قبل أن أكون

قبل أن أكون أنا... كنت أتكون...
قبل أن توجد أفكاري... كنت أتعلم...
قبل أن تلتهب مشاعري... كنت أتحرق...
قبل أن يتكون جسدي... كانت حركة...
قبل الحركة... كانت الكلمة...
قبل الكلمة... كانت المشاعر...
قبل المشاعر... كانت النظرة...
قبل النظرة... كان الحضور...
قبل الحضور... كان التواجد...
قبل التواجد... كان الوجود...
قبل الوجود... كانت الخلق...
قبل الخلق... كان الحياة والكلمة والروح...
قبل أن أكون... كان...
وبه كانوا...
وبهم كنا...
وبنا سيكونون...
ويستمر التكون...
ويستمر الكون...
ويبقى الوجود والمحرك والحياة والكلمة والروح...
ويبقى هو...
وأكون أنا...

سامر حنّا
٢٧/٧/٢٠١٤

Thursday, May 15, 2014

دبي... أتكونين بابل جديدة؟

زرت مدينة دبي ٦ مرات في رحلات عمل مختلفة. وفي كلِّ مرة كنت أرى بلدًا مختلفًا. كان تعليقي دائمًا إنني أرى وهمًا أو خيالاً أو شيئًا صناعيًّا لا أرى فيه أصالة...
ومع تقدمي في الحياة، رأيت فيها برج بابل وسعي إنسان إلى اختراق السماء، إلى الوصول إلى الكمال بدون الكامل، إلى إنسان نيتشه المتفوق، إلى الأول والأعلى والأقوى...إلخ.
إلا أنني هذه المرة تسائلت أتكون دبي بابل جديدة كما رأيتها قبلاً أم سعي إنسانيّ حقيقيّ؟
إلا أن هذا السؤال جعلني أطرح عدة أسئلة إنسانيّة...
ألم يسخر الله الكون الذي خلقه إلى الإنسان قمة خليقته؟
ألم يخلق الله الإنسان بالمحبة ووضع في داخله رغبة الحب أي رغبة الخلق؟
ألا نعيد لله ثمرة تعبنا وعملنا ليحوّله ويؤلهه؟
ألم يخلق الله الإنسان على صورته ومثاله حرًا محبًا خالقًا؟
أعود إلى زيارتي الأخيرة، وقد رأيت ما لم أره قبلاً...
أرى فيها رؤية مختلفة وسعي إلى التطور، أرى تكافل بين بشر مختلفين في الجنس والعرق والجنسية والدين واللون، أرى احترام آخر يختلف تمام الاختلاف عني ويقترب مني في جوهر هو الإنسانيّة، أرى محاولة لوضع قوانين وضعيّة إلا إنها لا تتعارض مع ضمير الإنسان الطبيعيّ، أرى لغة واحدة مختلفة اللهجات، أرى وحدة في هدف... هدف هو الحياة... حياة كريمة إنسانيّة عادلة حرة...
أفليست الحياة الأبديّة سوى كمال المحبة والحرية والفرح الذين لا يكتملون بدون الآخر المختلف المتماثل معي في إنسانيّة هي صورة الله ومثاله؟
وإذا كان هناك خالق، فلا يمكن ألا يكون قوة حب محققة...
وإذا كان الخالق حبًّا، فلا يمكن أن يكون اجبارًا...
وإذا لم يكن اجبارًا، فلا يمكن ألا يخلق آخرًا خلاقًا...
وإذا كان الإنسان خلاقًا، فلا يمكن ألا يسعى إلى المرتبة الأولى والكمال...
والسؤال هو في هذا السعي ذاته، هل أسعى إلى الكمال وحدي فيكون كمالي استبدالاً لكامل لا يمكن استبداله؟ أم أسعى لكمالي بالمحبة الكاملة فيكون كمالي بالآخر وللآخر ووحدة مع المطلق؟
أيكون التطور نيتشويًّا يقر موت الله وظهور الإنسان المتفوق أم إلهيّ يدخل الله في كلِّ خطوة ويحوّل طبيعة الإنسان إلى مثال الله بالله ومع الله؟
أتكون دبي بابل جديدة تخترق السماء لتجلس مكان الله أم عنصرة جديدة توحد إنسانًا مشتتًا متفرقًا؟

سامر حنّا
القاهرة في ١٥/٥/٢٠١٤

Tuesday, April 29, 2014

Religion & Spirituality

I've noticed a lot of posts differentiating between Religion and Spirituality. And of course these posts mentioned the organizational part of the Religion vs. the so called "free relation" in Spirituality.
As a young Catholic coming from a Melkite Byzantine background, I guessed the problem directly. And I was shocked as my background is a mix of rational thinking of Catholicism and Mystic experience of the oriental byzantine church, that helped me to understand that there's no such a real big difference between Religion and Spirituality.
First, I would like to define both terms.
Spirituality: The term comes from the spirit and doesn't have a definitive definition. Although social scientists have defined spirituality as the search for "the sacred," where "the sacred" is broadly defined as that which is set apart from the ordinary and worthy of veneration.
Religion: It's a set of variously organized beliefs about the relationship between natural and supernatural aspects of reality, and the role of humans in this relationship.
1-As per Cicero, Religion comes from "Religere" which means "re-read". and it's concerned about the mind, it's a very rational term.
2-As per Lactance, it comes from "Religare" which means "re-connect". and it's concerned about affection or feelings or in other terms, what your heart tells.
3-As per Augustine, it comes from "Reeligere" which means "re-elect". and it's concerned about the will, in other terms Free Will.
Second, from the Christian point of view.
The main Spiritual and Religious essence of faith, is the incarnation, the death and the resurrection of Jesus Christ. So any spiritual idea far from the cross, is a fake and a lie.
The main commandment is to love God from the heart, the mind and the being and to love each other.
So my question is: where's the difference between Spirituality and Christian religion here?
Third, the church: the group of believers and the organization:
1- The bible is the written experience of the church, not the opposite.
2- Jesus Christ instituted the organization and the sacraments.
3- The church is mystic cause it's based on the relationship between Jesus Christ and his disciples.
4- The church is born from the side of Jesus Christ on the cross, renewed by the Holy Spirit and leading to the Father. To the heart of the Trinity.
5- The organization is the group of forgiven sinners called to be saints, just as you and me, the creed is the result of the mystic experience and the Bible and the Tradition are the inspired Word of God to the church through the daily experience.
To conclude:
We lack the real understanding of the church and its teachings.
We lack the real definition of terms.
The enemy is fighting the church, but the gates of hell shall not prevail against it cause the cornerstone and the head is Jesus Christ himself.
By: Samer Hanna, based on my studies, readings and own opinion.

Friday, April 18, 2014

نعم، لقد مات الله...حقاً، إنما قام!

نقف نحن المسيحيون، في كلِّ العالم، خلال اﻷسبوع العظيم المقدس، خارج عالمنا وزماننا، أمام الصليب، نتذكر الله، نتأمل المسيح، نتوجع بآلامه، نلوم يهوذا وبيلاطس والكهنة والجنود، نمدح الله الذي أعطانا الخلاص... 
ثم نعود أدراجنا، بعد الاحتفال بالقيامة، نعيش في عالمنا وزمننا، نصنع مسحائنا، نسجد ﻷصنامنا... 
ولكننا لا ندرك إن الصليب كان منذ اﻷزل ويبقى إلى اﻷبد... هذا اﻷسبوع ليس إلا ملء الزمان الذي أراد فيه الله أن يرينا آلامه وحياته، فدخل تاريخنا وأدخلنا إلى قلبه...
الصليب والقيامة، بل أسبوع الآلام كله، حقيقة يحياها الله كل حين...
ألا نستقبل الله مهللين وفرحين ثم ننقلب عليه؟
ألسنا نترك ينبوع المياه الحي ونحفر آبار مشققة؟
ألا نسلم روحنا إلى الموت؟
ألا نهتف "لا ملك لنا إلا قيصر" صانعين أصنام زائفة؟ 
ألا نتسائل دوماً "ما هو الحق" محاولين الوصول إلى حكمة وطالبين آية؟
ألا نختار بارأبا (ابن اﻵب) ظانين إنه خلاصنا وصانعين مسحاء كذبة؟
ألا نصيّر حقيقتنا التي على مثال الله خطيئةً، فننفصل عن الله ونصرخ "إيلي إيلي لما شبقتني"؟
ألا نتحدى الله طالبين منه أن يصير إله أمر واقع؟
ألا نقسم الله ونقترع على حقيقته؟
ألسنا نطلب قتل الله؟ ألم نقتل الله في قلوبنا، نحن القتلة أبناء القتلة؟
نعم، لقد مات الله...
حقاً، إنما قام!
فإن وحدها الضحية قادرة على الصفح... وحده الله قادر أن يقوم ويصفح... وحده الصليب يدل على جدية حب الله وصفحه لنا...
وحده الله يحيا دائماً... وحده الله يتألم في كل حين... وحده الله يقبل قتلنا ويحوله إلى حياة... 
وحده الله ملك قيصر...
وحده الله مسيح حقيقي...
وحده الله ينبوع ماء حي لا ينضب...
وحده الله إله حرية...
وحده الله يوحد...
ووحده المسيح مات... 
حقاً إنما قام!
قام المسيح وتعجب الملائكة...
قام المسيح ووطئ الموت...
قام المسيح وصرعت الجحيم...
قام المسيح وأعطانا الحياة...
فلسنجد لقيامتك أيها المسيح في اليوم الثالث!
سامر حنا
القاهرة في الجمعة العظيمة 18/4/2014

Saturday, March 29, 2014

يا أعزائي، كلنا متحرشون

بات التحرش أحد السمات الواضحة في مجتمعنا المصري المعاصر... ويبقى السؤال عن أسباب التحرش مطروحاً بدون إجابة واضحة... فعندما نسأل عن سبب هذه الظاهرة، تطالعنا عدة أسباب يتم الرد عليها مباشرةً.  فكما هو موضح في الصورة، إذا كان الفقر هو السبب، فلماذا يتحرش المدراء وأرباب العمل. وإذا كان الجهل هو السبب، فلماذا يتحرش المعلم؟ وغيرها من اﻷسباب التي يتم دحضها فوراً...
استوقفني أحداث التحرش المستمرة والزائدة هذه اﻷيام، كما استوقفتني هذه الصورة، مما جعلني أحاول التفكير في السبب الرئيسي... وبقليل من المقارنة، وجدت قلة وربما اختفاء هذه الظاهرة في المجتمعات الغربية والتي نقول إنها منفلتة وغير متمسكة بالتقاليد والتعاليم الدينية... مما زاد من حيرتي... ولكني قبل أن أتوصل إلى السبب، توصلت لنتيجة مفزعة...
يا أعزائي، كلنا متحرشون...
نعم هذه حقيقة. بطريقة أو أخرى... رجلاً أو إمرأة... كبيراً أو صغيراً... بالفعل أو بالقول أو بالفكر أو بالشهوة أو... أو...
ومن هذه النتيجة، تسائلت ألم يخلقنا الله بهذه الغريزة الجنسية؟
وهنا توقفت...
نعم خلقنا الله برغبة جنسبة، ولكنها رغبة مقدسة... رغبة تكمل رغبتنا إلى الكمال... تكملها بالتكامل... رغبة إلى النمو والتكاثر... رغبة إلى إعطاء الذات للجنس اﻵخر وتكوين جسداً واحداً خلاق ليعطي الحياة...
ولكن ماذا يحدث في الواقع؟ في الواقع، إن رغبة اﻹنسان للتفرد خلقت في داخله شهوة... فبعد أن كان آدم وحواء عريانان... استحا... شهوة حولت الرغبة في إعطاء الذات بحرية إلى شهوة للحصول على كل ما حوله وتجريده من حريته... فأصبح الجنس اﻵخر شيئاً... شيئاً إذا حصلت عليه زاد إحساسي بذاتي وبكمالي!
إذاً ما هو سبب استفحال هذه الظاهرة في محتمعنا؟ وما هو سبب شبه اختفائها عن مجتمعات أخرى؟
أما في مجتمعنا، فقد فقدنا قدرتنا على الحلم، وعلى التفكير، وعلى الفلسفة... وصرنا نعيش في دوامة... فأصبح الجنس متنفسنا... وأصبح قمة هرم احتياجاتنا... وطريقنا لتحقيق ذاتنا...
وساعدت قاعدة "الجنس حرام" وقاعدة "لا تفعل" على ترسيخ هذه اﻷفكار...
فلم تصلنا الثورة الجنسية التي عاشتها المجتمعات الغربية، والتي حررتها فيما بعد من سيطرة القاعدتين السابقتين...
إلا أن المجتمعات الغربية أيضًا بحاجة هي اﻷخرى إلى ثورة تصحيحية، ترجعها إلى حرية الرغبة المقدسة بدلاً من حرية الشهوة التي تعيشها... غير أن ذلك موضوع آخر...
وللختام، إن الجنس هو طبيعة مقدسة تساعدنا على الكمال إذا تحررنا من عبودية شهوته... وإذا وظفناه صحيحاً في عمق دعوتنا إلى الحياة... نعم، نحن نحتاج إلى ثورة جنسية مدعمة برغبة الحياة ودعوة الكمال!

Saturday, March 15, 2014

اختلفنا

في عالم المثل نموذج مثالي يحاول الصانع تقليده فنتج عن ذلك النماذج المختلفة التي نراها في عالم المحسوسات، وتلك النماذج تجاهد للخلاص والوصول لعالم المثل ... هكذا تكلم أفلاطون.
توقفت في اﻷيام السابقة أمام اختلافاتنا. اختلاف شخصياتنا، أفكارنا، مواهبنا، أشكالنا، مشاعرنا، وحتى فصائل دمائنا... وتسائلت هل نحن أمام نماذج؟ أم أمام تطور وانتخاب طبيعي؟ أم نحن أمام خالق عظيم يرى في كل منا فرادة لا ندركها سوى بالانفتاح عليه وعلى اﻵخر؟
إن فكرة أفلاطون تحد من لا محدودية المثال المطلق، وتضعنا أمام صانع عاجز عن اﻹبداع وقادر على التقليد فقط.
وتضعنا فكرة الانتخاب الطبيعي أمام معضلة الاختلاف ولا تحله...
فلا يبقى أمامنا سوى مبدع عظيم يضع لمساته المختلفة في خلقه، ويعطي خليقته الحق لإكمال الصورة التي بدأها...
اختلافاتنا دليل جلي على عظمة وابداع غير محدود ولا مسبوق... وعلى حرية لا تكتفي بالتقليد...
اختلافاتنا كاختلاف أعضائنا تدعونا إلى التكامل لاستكمال أعمال غير محدودة، لا تكتمل فردية بل جماعية!
فلو كنا جميعاً نسخة واحدة لانقرضنا ولم ننم... ولو لم ندرك تكاملنا لقتلنا بعضنا البعض...
إلا إننا مختلفون مكتملون... ففي كل منا بصمة الخالق وصورته... وفي كل منا قبس إلهي مثالي لا يدرك إلا بالانفتاح على اﻵخر وعلى مبدأ ومصدر هذا القبس...
لندرك اختلافاتنا يجب أن ندرك تشابهاتنا... والأساسي لا يرى بالعين، كما قال سانت اكسوبري... بل بالقلب... فلا نعود نروض ونسيطر، بل ننفتح ونحب...
فنرى في الاختلاف عظمة... وفي الآخر بصمة الخالق... وفي الخالق هدف الحياة...

لتكن مشيئتك

"لتكن مشيئتك" ربما تكون الطلبة الثالثة في صلاة اﻷبانا أصعب الطلبات... نقولها يومياً ولكن هل نطلبها فعلاً؟ 
لماذا لا يسمع الله طلباتنا؟ لماذا لا يحدث ما نتمناه؟ لماذا يحدث ما لا نحسبه؟ لماذا؟
نسأل كل هذا ونصبر أنقسنا بكلمات مثل "كل اﻷشياء تعمل معاً من أجل الخير للذين يحبون الله" أو "وإن نسيت المرأة رضيعها" وغيرهما...
ولكن هل نفهم وندرك ما نردده؟
بين إرادة اﻹنسان ومشيئة الخالق نتيه ولا نرتاح...
ألا يسمعنا من خلقنا؟ ألا يرانا من يملأ الكون؟ ألا يعرف ما نريد من هو أقرب لنا من الوريد؟
منذ البدء خلق الله اﻹنسان على صورته كمثاله... ومنذ خطوات اﻹنسان اﻷولى على هذا الكوكب، وهو لم يدرك هذا اﻹمتياز ويختار أن يسمع غواية الحية الكاذبة: "تصيران كاﻵلهة".
ينظر اﻹنسان إلى إرادته حالاً وحده... إرادته ليكون إله...
وينظر الله دائماً إلى صورته، الذكر واﻷنثى... ومشيئته لخلقهما على مثاله...
يعيش اﻹنسان اللحظة الزمنية المكانية الوحيدة...
ويحيا الله اللحظة اﻷبدية غير المحدودة المتحدة...
ينظر اﻹنسان حاضره ومكانه ووحدانيته...
ويرى الله ماضيه وحاضره ومستقبله وإخوته...
وربما لذلك تسبق "ليأت ملكوتك" الطلبة الثالثة... فكما يقول يسوع المسيح: "اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره، وكل اﻷشياء تزاد لكم".
يعلمنا يسوع طلب الملكوت فهو مشيئة الله الوحيدة لنا... مشيئته هي خلقنا على صورته كمثاله... مشيئته هي الملكوت...
أما إرادتنا فتطلب... الحل اﻷسرع... الطريق الرحب... "إن أكلتما من هذه الشجرة... تصيران كاﻵلهة".
فكان الاختباء هو الحل الأمثل لآدم...
فلا يكون هو حلنا... بل طلب الملكوت من ملك الملكوت...
لا نستطيع معرفة إرادة الله وقبولها بعيداً عن الله... بل بالعكس... برؤيته... والجلوس معه... والتمثل به... وطلب ملكوته...
فلنطلب ملكوت الله، لتكن مشيئته كما في السماء كذلك على اﻷرض.
سامر حنا
15/3/2014

Wednesday, February 12, 2014

هابي فالنتين!

يقترب موعد عيد الحب منا. وفي مثل هذا الوقت من العام، تتزين الشوارع والمحال باللون الأحمر. يفكر كلّ حبيبين أين سيقضيان هذا العيد معًا؟ كما يفكر كلٌّ منهما في هدية يهديها للآخر... ويعود أصل هذا العيد إلى القديس فالنتين في القرون الوسطى، هذا القديس الذي كان يزوج الأحباء في الخفية خوفًا من بطش الامبراطور الذي منع الزواج.
توقفت اليوم أمام إحدى الهدايا المنتشرة في أحد المحال، وفجأة لم أعد أفكر في المكان ولا الزمان ولا عيد الحب ولا الهدايا. قادني تفكيري إلى الحب. هذه الرغبة العميقة في داخل كلٍّ منا أن نحِب ونحَب. هذه الرغبة المزروعة من الله، هذا الإله الذي يشبع أعمق رغبات الإنسان، هذا الإله الذي يحب، هذا الإله الذي هو محبة في ذاته وجوهره، لأنّ الحب يخلق... وعندما يخلق الحب يخلق جمال...
إنّ هذه الرغبة العميقة في داخلنا، وإن دلت على شيء، فهي تدل على عمق تأصلنا في الحب ومدى ابتعادنا عنه اليوم. فيصبح يوم عيد الحب، يوم تعويض عن رغبة الحب الدائم كلَّ الأيام، والتي ابتعدنا عنها بسبب انفصالنا عن مصدر الحب ذاته. وإنّ كان هذا الانفصال هو آفة البشر وسبب عذابها، فإنّ حب الحبيبين هو عودة وصورة مصغرة لحب لا يجف نبعه. فيكون الامبراطور الذي يبعد الحبيبين كمن يعبث بنظامٍ كاملٍ وضع كنبذة وصورة لحب واتحاد كامل مع نبع حب لا ينضب.
لذلك فإن الحبيبين الحقيقيين هما من يدفع أحدهما الآخر إلى الوصول للإشباع الكامل لهذه الرغبة. هما من يكملان بعضهما ليكونان معًا صورة ومثال المحبة الكامل. هما من يكونا معًا حق وخير وجمال. ليسا فقط من يتبادلان الورود والقبلات والهدايا... ليسا فقط من يضعان قفلاً في أحد جسور باريس ويلقيان المفتاح في نهر السين العظيم ليعلنا حبهما الأبديّ... إنّما هما من يركعان معًا للصلاة... من يلعبان ويضحكان ويبكيان سويًا... من يكملان أحدهما الآخر... من يصبحان ذاتهما معًا... من تزيد وسامته مع كلمة "أحبكَ" هو الحبيب، ومن تنفك ضفائرها في طريق الحب هي الحبيبة... لا يكفيهما يومًا واحدًا، ولا شهرًا، ولا هدايا، ولا ورود... بل يصنعان عوالماً لم يطأها أحدٌ وتقويمًا لم يعتمده غيرهما... لأنّهما معًا وحدةٌ تامةُ خلقها الخالق على صورته كمثاله... خلقها الخالق "حسن جدًا".
فيا من خلقتِ بالحبِ لأجل حبي... كلُ عامٍ وأنتِ حبيبتي.

Wednesday, January 08, 2014

عصر جديد - تعليق شخصيّ على الأقوال المنسوبة للبابا فرنسيس

نحن في عصر "تحطيم أصنام" جديد... وقد دخلنا هذا العصر عندما بدأ الشباب يجاهرون بأفكارهم ومعتقداتهم، بدأت بشكهم في تعاليم تعلموها قديمًا... وخطر هذا العصر هو عدم التفكير مليًا في كلِّ ما يعرض علينا من أفكار وفلسفات جديدة، قد تبدو شهيّة ومقنعة جدًا... في حين إنّها لا تختلف عن غواية الحيّة قديمة، نصفها فقط حقيقيّ والنصف الآخر كذب! ومن المعروف في قواعد التفكير المنطقيّ، إنّ أي إثبات يناقض ذاته، أو يحتوي على خطأ هو إثباتٌ خاطئ غير صحيح.
هذا العام شهد انتخاب بابا جديد كخليفة لبطرس على كرسي روما. ومنذ اللحظة الأولى التي ظهر فيها البابا الجديد، عرف الجميع اختلافه. فاختلافه بدأ باختياره اسم "فرنسيس" ليكون أول بابا يحمل هذا الاسم، وبظهوره منحنيًا أمام شعبه، ووضح في ملابسه وسيارته وعاداته، وتجلى في تصريحاته المحبة والمتسامحة على غرار سيده ومعلمه يسوع المسيح.
إلا أنّ كثيرين أساؤوا فهمه في كثير من الأحيان، مما سبب بعض الرفض له من بعض المؤمنين، والكثير من التشويه من غير المؤمنين. البابا ليس سوى مسيحيّ يحاول الاحتذاء بالمعلم الأوّل يسوع المسيح. فمثلاً نجد في أعماله محبة وشفقة ورحمة للفقراء والمرضى والضعفاء، ونجد تسامح مع الخاطئين والشواذ وغيرهم. إلا أنّ هذا التسامح، الذي أسيء فهمه، ليس إلا تقليد للرب الذي يحب ويسامح الخاطئ ويبغض الخطيئة ولا يتساهل معها.
أمّا بخصوص الأقوال المنسوبة إليه مؤخرًا، فأريد توضيح أكثر من نقطة.
أولاً، المقال نُشر في مدونة تعلن صراحةً أنّها للمتعة الشخصيّة وليست حقيقيّة مئة بالمئة.
ثانيًا يدعي صاحب المقال إنّه تم عقد مجمع فاتيكانيّ ثالث، وهذا لم يحدث. ولم يعرب الفاتيكان عن النية للدعوة لمصل هذا المجمع. وإنّ حدث هذا المجمع، فإنّ قراراته لا يعلنها البابا، وإنما يعمل المشاركون فيه على وثائق ودساتير لمدة سنوات.
ثالثًا، سأتكلم عن بعض ما نسب إلى البابا في هذا المقال.
مثل أوّل، رمزيّة قصة آدم وحواء.
 هناك قاعدة في دراسة الكتاب المقدس وهي: "كلّ شيء صحيح، ولكن ليس كلّ شيء حقيقيّ". والمغزى من هذه القاعدة هو الحقائق الروحيّة وليس واقعيّة الحدث. ومن الممكن العودة إلى التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة لمعرفة رأي الكنيسة الكاثوليكيّة في هذا الموضوع.
أمّا ما ضايقني في هذه النقطة، هو وقوف إيمان بعضهم على واقعيّة القصة أو عدمها. إنّ إيماننا المسيحيّ هو إيمانٌ بشخصٍ حيٍّ هو يسوع المسيح المخلص ابن الله المتجسد المصلوب القائم من أجلنا لمغفرة خطايانا ودعوتنا لنكون أبناء الله بالتبني.
مثل ثانٍ، عدم وجود جهنم.
 إنّ أحدًا لم يعد من هناك ويقول لنا. هذا ما كتبه صاحب المزامير. نعم لا يمكننا الجزم بوجود أو عدم وجود جهنم ماديّة للعذاب. إلا أن جهنم تعني الانفصال عن الله، وعدم الدخول إلى العرس أي الحياة الأبديّة. ولكن جهنم هي دليل على محبة الله وليس العكس. فالله الذي خلقنا بدون إرادتنا لا يستطيع أن يخلصنا بدون إرادتنا. فالله يحترم حرية الإنسان، وذلك بسبب محبته. فإذا كنت أنا رفضت الله، ورفضت الحياة معه، أي رفضت الحياة الأبديّة، لا يمكن لله أن يجبرني على قبوله ومحبته.
وأمّا تعليقي على هذه النقطة فهو هل نعبد ونحب الله خوفًا من جهنم والعذاب؟ هل نفعل الخير طمعًا في الجنة؟ فلنتحد إذًا بمن قالت: ربي إذا كنت أعبدك طمعًا في الجنة فاحرمنيها، وإذا كنت أعبدك خوفًا من نار جهنم فاحرقني فيها، أمّا إذا كنت أعبدك حبًا فيك فلا تحرمني من رؤية وجهك.
مثل ثالث، جميع الأديان صحيحة لأنّ الحقيقة نسبيّة ولا وجود لحقيقة مطلقة.
إنّ الكنيسة الكاثوليكيّة لا تنفي إمكانيّة الخلاص لجميع البشر. ولكن بالنظر لما قيل في هذه النقطة، نجد إثبات يتضاد مع ذاته. فلسفيًّا وعقليًّا. إذا كانت الحقيقة هي نسبيّة، فهذا يعني عدم وجود حقيقة مطلقة. وإذا لم تكن هناك حقيقة مطلقة، فلا وجود للحقيقة كمبدأ أصلاً. وهذا يتنافى مع سعي الإنسان الدائم إلى الحقيقة المطلقة كسعي، كذلك يعني عدم وجود الله لأنّ الحقيقة المطلقة هي الله.
وتعليقيّ الشخصيّ ليس لومًا، فأنا ممن يريدون خلاص الجميع، ولكن يجب علينا أن نفكر في كل مقولة وإثبات لفهمها بطريقة صحيحة.
مثل رابع وأخير، الكتاب المقدس أصبح قديمًا والله يتطور عبر الزمن.
إنّ الكتاب المقدس ليس كتاب جغرافيا تتغير أو تاريخ يتطور أو علم ينقض. إنّ الكتاب المقدس هو كتاب حياة وكتاب روحيّ. أمّا تطور الله، فهذه المقولة تناقض ذاتها أصلاً. فالله هو الكائن، الكائن الكامل المطلق، طبقًا لما يراه الملحدون والمؤمنون سواء. الكمال يعني الثبات، لأنّ الحركة والتطور والتغيير تعني أنّ هذا الكائن ليس كامل في هذه النقطة لذلك هو ينطلق لنقطة أو مرحلة أخرى. لذلك فإنّ هذه المقولة تناقض ذاتها. أمّا من يجيب هذه النقطة الفلسفيّة بمثال تغير الله في الكتاب المقدس أو تغير دعوتنا في الحياة، فنجيبه بأنّ هذه التغيرات هي تطور فهمنا لله بسبب محدوديّتنا وعدم استيعابنا لكماله.
أكتفي هنا بالتعليق على هذا المقال، وأنتقل إلى تأثير الفلسفات والأفكار التي نتعرض لها على إيماننا وفهمنا. نحن لسنا فقهاء في كلِّ تعاليم ديننا، ولا نستطيع أن نجيب على كلِّ أسئلتنا لذواتنا. فلماذا لا نسأل ونتعلم وندرس. نعم، نحن في عصر جديد، ولكن علينا ألا نثق في كذب الحيّة القديمة، من أفكار جديدة تزعزع إيماننا أو تذهب بنا إلى تأليه ذواتنا، أو تدعونا إلى الذهاب إلى فلسفة أو دين أو بدعة أو لا دين أو إلحاد، وهي نصفها فقط حقيقيّ دون البحث والتساؤل والتنقيب والتمحيص والقراءة.