Saturday, March 15, 2014

اختلفنا

في عالم المثل نموذج مثالي يحاول الصانع تقليده فنتج عن ذلك النماذج المختلفة التي نراها في عالم المحسوسات، وتلك النماذج تجاهد للخلاص والوصول لعالم المثل ... هكذا تكلم أفلاطون.
توقفت في اﻷيام السابقة أمام اختلافاتنا. اختلاف شخصياتنا، أفكارنا، مواهبنا، أشكالنا، مشاعرنا، وحتى فصائل دمائنا... وتسائلت هل نحن أمام نماذج؟ أم أمام تطور وانتخاب طبيعي؟ أم نحن أمام خالق عظيم يرى في كل منا فرادة لا ندركها سوى بالانفتاح عليه وعلى اﻵخر؟
إن فكرة أفلاطون تحد من لا محدودية المثال المطلق، وتضعنا أمام صانع عاجز عن اﻹبداع وقادر على التقليد فقط.
وتضعنا فكرة الانتخاب الطبيعي أمام معضلة الاختلاف ولا تحله...
فلا يبقى أمامنا سوى مبدع عظيم يضع لمساته المختلفة في خلقه، ويعطي خليقته الحق لإكمال الصورة التي بدأها...
اختلافاتنا دليل جلي على عظمة وابداع غير محدود ولا مسبوق... وعلى حرية لا تكتفي بالتقليد...
اختلافاتنا كاختلاف أعضائنا تدعونا إلى التكامل لاستكمال أعمال غير محدودة، لا تكتمل فردية بل جماعية!
فلو كنا جميعاً نسخة واحدة لانقرضنا ولم ننم... ولو لم ندرك تكاملنا لقتلنا بعضنا البعض...
إلا إننا مختلفون مكتملون... ففي كل منا بصمة الخالق وصورته... وفي كل منا قبس إلهي مثالي لا يدرك إلا بالانفتاح على اﻵخر وعلى مبدأ ومصدر هذا القبس...
لندرك اختلافاتنا يجب أن ندرك تشابهاتنا... والأساسي لا يرى بالعين، كما قال سانت اكسوبري... بل بالقلب... فلا نعود نروض ونسيطر، بل ننفتح ونحب...
فنرى في الاختلاف عظمة... وفي الآخر بصمة الخالق... وفي الخالق هدف الحياة...

No comments:

Post a Comment