Saturday, August 22, 2015

عشرون يومًا قبل الصليب

يبقى عشرون يومًا على اليومِ المشهود. ولا يكُفَ الأهل والأصدقاء عن سؤالي إذا كنتُ جاهزًا أم لا. ودائمًا ما يكون ردي الطبيعي: بماذا عليَّ أن أجهز؟
إن الزواجَ قرارٌ ليس سهلاً. ففيه إنهاءٌ للعزوبيّة، للاعتماد على الأهل، وللحرية.
يبدو لي أن حريتي هي ما يجب عليَّ أن أضحي بها... وبملء حريتي!
الزواج والعزوبيّة لله، سواءً في رهبنة أو كهنوت، يبدوان لي الآن وجهين لعملةٍ واحدة.
بملء الحرية، يجب عليك أن تموت. تموت عن حريتك، عن اختياراتك الشخصيّة لتكون اختيارات جماعيّة، تموت عن وقتك الشخصيّ ليكون وقتكما معًا في حالة الزواج ووقت الجماعة في الحالات الأخرى. تموت عن شهوتك، ففي اختيارك لزوجة، أنت تميت احتماليّة الأخرياتِ بملء إرادتك.
بملء الحرية يجب التضحية بالحرية حتى يتم اخلاء ذات كامل... وهذا هو الحب... أو بالأحرى المحبة.
ويبدو أنّ المسيحَ كان محددًا في كلامه. فهو من قال: "كونوا قديسين كما أن أباكم قدوس". وقال أيضًا: "من أراد أن يتبعني فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني". ودعا دعوةً واحدة: "اتبعني"!
إن دعوةَ المسيحيّ الأولى هي اتباع المسيح... فقط لا غير.
اتباع المسيح أي اخلاء الذات الكامل كما فعل هو... أخلى حريته الكاملة وأمات اختياراته باختياره... ليقوم ويبقى متحدًا دائمًا بالآب.
الآب الذي أولاً أخلى ذاته في الابن. والابن الذي يرد له هذا الحب وهذه الحرية.
إن كان هناك من دعوةٍ أولى للإنسان فهي "صورة الله ومثاله" وليس إلا.
الله الذي لا يكفَ ولا يمل من اخلاء حريته وحبه الكاملين... في ذاته وفي خلقه الذي أحبه قبل الخلق.
وإن كان هناك من دعوة للإنسان، فهي اتباع هذا المثال الذي توج على الصليب.
ليكون فراش الزوجيّة صليبًا... ويكون اللباس الرهبانيّ أو الكهنوتيّ صليبًا...

لتكون صورة الله هي غاية الزواج أو التبتل... بل غاية الحياة.

سامر حنّا
22/8/2015

No comments:

Post a Comment