Thursday, February 19, 2015

الملءُ

ربي، لم أفهم أبدًا معنى موتك على الصليب...
لم لأفهم أبدًا السبب الحقيقيّ والفعليّ...
علمونا أن خطيئتي عظيمة وموجهة لحقك وأنك باختيارك قررت أن تأخذَ مكاني... لأنّ ما من ذبيحة، وإن كانت مرضيّة، قادرة على محو أثام هذا الكائن المنفصل عنك...
ثم قرأت وعلمت أنك كنتَ ثائرًا...
ثائرٌ على النظام والسلطة والتدين الكاذب... ولذلك رفضوك... ولذلك ساقوك إلى الذبحِ...
ثم أتت تلك المشاهد الدمويّة... مشاهد لا يحتملها إنسانٌ... وقُتِل واحدٌ وعشرون شابٌ...
قُتِلوا... سيقوا إلى الذبح... اُستشهدوا...
بثباتٍ وإيمانٍ وعيونٍ شاخصةٍ نحو قيامتِكَ...
وفقط في عيونِهم فهمت معنى الذبيحة، معنى الشهادة والاستشهاد، معنى اهلاك الذات ورفضها لربحها... فهمتُ معنى أن يُعَد كلُّ شيءٍ نفاية... والموت ربح...
وفهمتُ كيف قبلت الصليب... قبلته لتشهدَ... كما شهد لك شهداؤكَ... كنتَ أنت الشهيد والشاهد الأول والأكمل...
شهيدٌ وشاهدٌ على قبولِ اللهِ حرية الإنسان... شهيدٌ وشاهدٌ على الحبِّ... على الخلقِ وإعادةِ الخلق...
في عيونهم رأيتُ الحياة، لا الموت... وفي قيامتك حياةٌ أبديّةٌ ودحضٌ نهائيٌ للخوف...
في معرفتك حياةٌ وفرحٌ لا نهاية لهما... وفي قبولك سلامٌ، ليس كما يعطي العالم...
في قلبك عالمٌ يفتقدك... وبين ذراعيك أحباؤك...
وفي صحبتِكَ الملءُ...
المجدُ لصليبِك أيها المسيح... المجدُ لقيامتِك المجيدة في اليوم الثالث...

سامر حنّا
سهرة روحيّة أمام القربان المقدس
الأربعاء 18فبراير 2015

No comments:

Post a Comment